مواصلة موضوع القلوب رقم 3

علامات القلب الحي والسليم:

قال [ابن القيم] رحمه الله تعالى: [محبة الله تعالى, ومعرفته ودوام ذكره, والسكون إليه, والطمأنينة إليه, وإفراده بالحب والخوف والرجاء والتوكل والمعاملة بحيث يكون هو وحده المستولي على هموم العبد وعزماته وإرادته, هو جنة الدنيا, والنعيم الذي لا يشبهه نعيم, وهو رقةُ عين المحبين, وحياة العارفين, وإنما تقر أعين الناس بهم على حسب قرة أعينهم بالله عز وجل, فمن قرة عينه بالله تعالى, قرت به كل عين, ومن لم تقر عينه بالله, تقطعت نفسه على الدنيا حسرات.[كتاب الوابل الصيب لا بن القيم].

فمن علامات صحة هذا القلب هي:

1ـ أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة, ويحل فيها حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائها, جاء إلى هذه الدار غريباً يأخذ منها حاجته ويعود إلى وطنه, كما قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر: [كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل] رواه البخاري.

2ـ ومن علامات صحته أنه إذا فات ورده أو طاعة من الطاعات؛ وجد لذلك ألما أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده.

3ـ ومن علامات صحته أنه يشتاق إلى الخدمة كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب, قال يحي بن معاذ: [من سُر بخدمة الله سُرت الأشياء كلها بخدمته ومن قرُت عينه بالله قُرت عيون كل وأحد بالنظر إليه].

4ـ ومن علامات صحته: أن يكون همه واحداً, وأن يكون في الله يعني في طاعته.

5ـ ومن علامات صحته: أن يكون أشح بوقته أن يذهب ضائعاً من أشد الناس شحاً بماله.

6ـ ومن علامات صحته: أن يكون إذا دخل في الصلاة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا, ووجد فيها راحته ونعيمه, وقرة عينه, وسرور قلبه.

7ـ ومن علامات صحته: أن لا يفتر عن ذكر ربه, ولا يسأم من خدمته ولا يأنس بغيره إلا بمن يدله عليه ويذكره به.

8ـ ومن علامات صحة القلب: أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل فيحرص على الإخلاص فيه, النصيحة, والمتابعة والإحسان ويشهد مع ذلك منة الله عليه فيه, وتقصيره في حق الله.

9ـ أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى الله ويخبت إليه, ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه الذي لا حياة له ولا سرور ولا نعيم إلا برضاه وقربه والأنس به.

10ـ ومن علامات صحة القلب: أن يرزق دوام المراقبة للرقيب ودوام التطلع إلى العلي الأعلى حتى كأنه يراه ويشاهده فوق سمائه, مستوياً على عرشه, ناظراً إلى خلقه, سامعاً لأصواتهم, مشاهداً لبواطنهم.

11ـ أن لا يشغل بما ناله من الأذى, وطلب الوصول إلى درك ثأره وشفاء نفسه, بل يفرِّغ قلبه من ذلك.

12ـ ومن علامات صحة القلب أنه يستجيب لدعوة الإيمان كما حكى الله تعالى عن أهل القلوب السليمة قال تعالى: {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ}[آل عمران:193].

13ـ ومن علامات صحته أنه يتفكر في خلق السماوات والأرض, وفي الهدى الذي جاءهم من خالقهم.

14ـ ومن علامات صحته أنه يكون كلام الله والكلام عنه أحب إليه من كل شيء إلى قلبه.

» مواصلة موضوع القلوب رقم 2
» مواصلة موضوع القلب رقم 4
» مواصلة موضوع القلب رقم 5
» مواصلة موضوع القلب رقم7
» أقسام القلوب (1 )