تفسير الزمخشري الذي يقول في مطلعه: إن التفاسير في الدنيا بلا عدد وليس فيها لعمري مثل كشافي إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته فالجهل كالداء والكشاف كالشافي ولكن كل كتاب غير كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لا يخلوا من النقص وتعتريه أخطا وهذا ما وضحه الهروي بعد أن امتدح الكتاب.
فالذي يقرأ فيه لا بد أن ينتبه للمسائل العقدية فا لزمخشري وإن كان يكتنفه الغموض عن مذهبه إلا أنه معروف بالاعتزال والانتصار لمذهب المعتزلة وهو ينفي الصفات ويؤلها ويقول بخلق القرآن حتى أنه في بداية خطبته للكشاف قال الحمد لله الذي خلق القرآن فقال له أحد أقرانه لن يقرأ كتابك أحد فعدل من العبارة بالتقية وقال الحمد لله الذي جعل القرآن ولكن والحق يقال كتاب الزمخشري من أقوى الكتب التي تناولي بلاغة القرآن فهو جعله تطبيق لنظرية النظم عند الجرجاني التي قامت عليها البلاغة والأدب والذي يقرأ في ( الكشاف ) يلاحظ قوة بلاغة الزمخشري فهو يحشد الأغراض البلاغية، ويتطرق لتفسير القرآن تفسيرا بلاغياً وإن لم يتطرق للإعجاز صراحة ولكن أتى بإشارات كثيرة في كتابه تدل على الإعجاز
ولعللك لم تقرأ تفسير (نظم الدرر ) للبقاعي والذي قال فيه حاجي خليفة في كشف الظنون: هل رأيتم يا أولي التفسير من صاغ نظماً كنظم الدرر
دقَّ معنى جَلَّ سبكاً لفظه في وجوه الفكري مثل الغرر
أو كأنك لم تقرأ تفسير القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن ) والذي قال عنه ابن العماد جمع آراء من قبله كلهم.
ومع هذا فأنا معجب كثيرا بتفسير الضلال لسيد قطب رحمه الله فهو جاء بنظرية جديدة لم يسبقه إليها من قبله وهي نظرية التصور في القرآن الكريم وجعل تفسيره تطبيق لهذه النظرية فهو يجعلك تتذوق آيات القرآن وتحس بها وتراها مشاهدة أمامك في مشاهد حركية تتحرك مجسمة يتأثر قلبك مع ذلك المشهد. كما أنا مغرم بتفسير روح المعاني للألوسي رحمه الله وأقرأ في تفسيره كثيراً فهو يبين معاني كلمات القرآن بأسلوب عذب هذبه من (الكشاف) ومن (المحرر الوجيز) لابن عطية ومن حاشية البيضاوي – ولكن لا أنسى أفضل تفسير تأثرت به على الإطلاق وهو تفسير ( التحرير والتنوير ) لابن عاشور وهي هات أن تحد مثله على الإطلاق في عرض وقوة بلاغته وسهولته وإلمامه بجميع متعلقات الآيات ولكن مع هذا فكتاب الله بحر لا ينضب ولا يجف ولا يستطيع مهما بلغ علمه أن يستقصيه وكلما جاء عالم جاء بجديد فهو كتاب لا يمل ولا يسأم حوى كل العلوم وما حواه أحد ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) .