خلق اللَّه تعالى الإنسان فأحسن خلقه، ذاك أسود، هذا أبيض، وثالث قمحي اللون، ورابع تملأ آثار الجدري وجهه، وخامس قد يكون دميماً، وآخر وسيم يلفت الأنظار بوسامة وجهه وسلاسة شعره، الأسود، قد يكون - بل أكثرهم كذلك - قلبه أبيض كاللبن، وانظر إلى السودانيين، هل تجد سماحة في شعب آخر كما هي سماحتهم ونبلهم وطهارتهم، لا أعتقد، والدميم يعوّضه ربّك بميزة ما يجعلك تراه وسيماً كالقمر ليلة تمامه، أعمى البصر يعوّضه بتمام البصيرة، فكم من أعمى عين تراه مبدعاً عظيماً، تتمنى لو أنك تفقد بصرك لتصير مثله، مَنْ لا يريد أن يكون كطه حسين، أو موزارت، أو البردُّوني، أو محمد ناصر حميد وغيرهم كثير تتمنى لو أنك قادر - فقط - على أن تقف بجانبهم، فما بالك لو تساويت مع أحدهم نضجاً وإبداعاً؟ يعوِّض اللَّه تعالى البشر برحمته ميزات تراها هنا، لا تراها هناك، فكم من مبصر بليد برغم كل الشهادات، وفي العموم الإبداع موهبة يمنحها لِمَنْ يريد، وما نراه في الواقع يقول بذلك. هكذا هي الحياة - إِذَاً - تكتمل هنا لتنقص هناك. وفي الحياة يمكن لك أن تغيّر لون هذه العمارة، تغيّر أحجارها، تغيّر في تخطيطها، كل ذلك ممكن، وقبل أن أغوص في ما أنا بصدده سأعرج على بيت القصد فأقول : ماذا عن المرأة؟ وأقول بسرعة : هي المخلوق الذي منحه اللَّه تعالى ما لم يمنحه لغيره، وانظر، فالجمال معظمه معها، والجنَّة تحت أقدام الأمّهات، خلقها وخلق معها الحياء. الجمال الذي تراه أنهاراً جاريةً في وجهها، وبحيرات من الزرقة، ومشاقر من الخضرة في عينيها، وثلوجاً من الرحمة في قلبها، وورود وزهور الدنيا في عينيها، ميَّزها بكل ذلك، أضف إليه الحنان والعطف، وجعل منها سكناً لا يأوي إليه الزوج، بل إن الأولاد يضعون خدودهم على صدر عطفها، وتسهر الليالي تهدهد وتمنح من صبرها للآخرين حياة. وفي المودّة، ليس هناك أفضل ولا أعظم ما رزق به أرحم الراحمين الرَّجُل والمرأة معاً حين يتزوجان. حين تنظر إلى الوردة، فهي بألوان شتى، والذي يمعن في الطبيعة سيرى كيف مزجت الألوان، لذا فأنا أقول دائماً إن على الفنان أو مصمم الأزياء أن يرسل نظره - فقط - إلى حديقة بيته ليرى كيف مزج اللَّه تعالى الألوان في الأشجار وحتى الأحجار والورود والأزهار، ومنها كلها عليه أن يأخذ. هل تستطيع تغيير لون الوردة - مثلاً - أن تقوم بطلائها بالرنج إحساساً منك بأنك ستضيف إلى جمالها جمالاً؟ لن تستطيع، فطلاؤك لن يكون أجمل من الألوان التي جاءت معها، أو التي خلقها اللَّه تعالى بها. هل تستطيع أو هل من المعقول أن تقوم بطلاء حديقة جميلة ألوان شجيراتها؟ لا يمكن. إِذَاً، هو الحال كذلك حين يتعلق الأمر بالمرأة، إذ للأسف كثير منهن يتدخلن في ما صنعه اللَّه، ويحاولن تحت مبررات عديدة وبعمليات التجميل، فيتحولن إلى مجرد كائنات مسخ، وإن أردتم أعيدوا قراءة تصريح تلك المسمّاة أصالة، فقد خضعت لعملية تغيير وليس تجميل، فلم تعد - حسب كلامها - تستطيع التفاعل بملامح وجهها مع أي أغنية تغنيها. لو سألني أحد : ما الذي يثير غثيانك؟ سأقول فوراً : منظر امرأة وقد نفخت شفائفها، بل يثير الأمر كل القرف في الدنيا لديّ. وهناك مَنْ ينفخن أثداءهن، وذلك أمر آخر مثير للتقزز، ولن أخوض هنا في أمر تغيير الجنس، فبالنقاش مع طبيب صديق خرجت بنتيجة أن معظم عمليات تغيير الجنس هي عمليات تشويه لخلق اللَّه، أنا هنا لا أتحدث عموماً في ما يدخل تحت بند الضرورات، فذلك أمر آخر، أنا أتحدث عن نساء يقمن - إضافةً إلى ما أشرت إليه - بتركيب عدسات ملوّنة، ومعظمهن تحرص على أن يكون لون عدسة العين مناسباً للون الفستان. وتدور في البيوت حكاية تلك الفتاة التي كانت تستعد لعرسها، وحين تعرضت عيناها لحرارة السشوار ذابت العدسات في عينيها، فاضطروا لأن يجلسوا أختها مكانها بجانب العريس، فيما كانوا ينظفون الأثر، ولولا لطف اللَّه لكانت فقدت نظرها، أيُّ غباءٍ هذا؟ وأيُّ قصر نظر؟ فالمرأة قصيدة جميلة، فكيف للبعض أن يعملن على تحويل أنفسهن من خلال تغيير في الشكل، إلى بشاعة مركبة، وهذا على وزن وصف صاحبي عبدالكريم الرازحي حين سخر من فلانة قال : المرأة قصيدة جميلة، وفلانة بشعة مركَّبة. وأختم هذا بالإشارة إلى الصبغة التي تستخدمها بعض النساء على شعورهن، وبها تتحول كثيرات إلى مجرد عرائس بلاستيكية، وخميسكم أجمل أيام الأسبوع