كان الرئيس سالمين أكثر الناس حزنا لمقتل الحمدي وقد حرص على المشاركة الشخصية في تشييعه ، كما حرص في الوقت نفسه على عدم عقد لقاءت مع خلفه الذي اتهم بتدبير مقتله لذلك فإنه هبط في مطار صنعاء قبيل إنطلاق الجنازة بقليل وبمجرد أن ووري الحمدي الثرى توجه سالمين إلى طائرته مرة أخرى ليعود إلى عدن .
ما الذي حدث في عدن بعد مقتل الغشمي ؟
جانب من الإجابة على هذا السؤآل يمكن العثور عليه في البيان الذي أصدرته اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الموحّد الجبهة القومية بتاريخ 26 / 1978 وهذا هو نص البيان :
لقد اجتمعت اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية اجتماعا استثنائيا مساء يوم 25 يونيو الجاري لمناقشة وتدارس الأوضاع والتجطورات التي حدثت في شمال الوطن ، وقد رفض سالم ربيع علي أن يحضر هذا الإجتماع الإستثنائي رغم كل الجهود التي بذلها المكتب السياسي لإقناعه ، وحتى يدلل بعدم حضوره تجنيب ثورتنا وشعبنا أية تضحيات نحن في غنى عنها اكتفى بإرسال استقالته إلى اللجنة المركزية عندما شعر بأن اللجنة المركزية سوف تحاسبه على ممارساته وتصرفاته الفردية التي لاتعكس بأي حال من الأحوال سياسة التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية ومبادئه وكذا سياسة حكومة الثورة ومواقفها ... تلك الممارسات الفردية التي لا تتنافى مع مبادىء القيادة الجماعية والمركزية الديمقراطية فحسب ولكنها تتنافى مع أبسط المبادىء التي يعرفها جيدا كل أعضاء تنظيمنا السياسي وجماهير شعبنا اليمني .
ياجماهير شعبنا المناضلة :
ان اللجنة المركزية بعد أن ناقشتوأقرّت الإلإستقالة وتجريده من كافة مناصبه الحزبية والرسمية وأقرّت عددا من الإجراءات المترتبة عليها فوجئت بقيام سالم ربيع علي بمحاولة انقلابية بدأها بقصف مقر اللجنة المركزية والأماكن التي بجانبها مما حتّم على اللجنة المركزية وهي التي توجّه النبدقية دائما أن تصدر تعليماتها للمؤسسات العسكرية لحسم الموقف فورا واحباط محاولة الإنقلاب الرجعية التىمرية والخارجة عن كل مبادىء الشرعية التنظيمية والقيادة الجماعية ، وكذا عن مبادىء وأهداف ثورتنا وتنظيمنا السياسي وبفضل الوحدة العظيمة القائمة بين مؤسساتنا العسكرية وجماهير شعبنا بقيادة طليعتها الثورية التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية تم احباط هذه المحاولة والقضاء عليها نهائيا .
ياجماهير شعبنا العظيم :
ان التصرفات الفردية واللامسؤلة وقد سببت لتنظيمنا السياسي ونظامنا الوطني التقدمي الإساءة البالغة على صعيد جماهير شعبنا اليمني كله فإننا نؤكد لشعبنا اليمني والرأي العام العربي والعالمي أن التنظيم السياسي ونظامنا التقدمي ليس لهم علاقة بكل تلك التصرفات الفردية السيئة التي تتنافى كلية مع كل النظم والأعراف .
ياشعبنا اليمني العظيم :
ان التنظيم السياسيي الموحد الجبهة القومية الذي تمرس في النضال وتمكّن من تحقيق الإنتصار كل الإنتصار منذ إندلاع ثورة 14 أكتوبر المجيدة في عام 1963 لقادر أيضا على تجاوز كل الأزمات وضرب أية محاولة للنيل من المكاسب التقديمة التي حققها شعبنا اليمني عبر نضاله الطويل ... إننا بحاجة في هذا الظرف ان نتخلى باليقظة الثورية بالإلتفاف حول الننظيم السياي الموحد الجبهة القومية وقرارات لجنته المركزية ومكتبها السياسي وذلك من أجل صيانة كل المنجزات الثورية لشعبنا وتكريس التقاليد الكفاحية للشعب اليمني العظيم .
ان تنظيمنا السياسي الموحّد الجبهة القومية كما كان دائما يدرك تمام الإدراك أن القوى التي ترى في تقدم الشعب اليمني ووحدته امر يثير قلقها ويقضي على مطامعها لن يكون في إمكانها أن تدفع بالشعب اليمني إلىحافة الحرب وإلى القطيعة بين شطري الوطن الواحد ... وهو إذ يؤكد حرصه على اقامة علاقات طبيعية وودية مع كل الأشقاء والأصدقاء ومع كافة دول المنطقة قائمة على اساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام السيادة الوطنية .
يا أبناء شعبنا العظيم اننا نود بهذه المناسبة أن نحيي بإعتزاز وفخر قواتنا المسلحة والشرطة الشعبية والمليشيا الشعبية وأمن الدولة والقوات الشعبية على مواقفها الراعية لحماية الشرعية التنظيمية ممثلة بالقيادة الجماعية والتزامها وتنفيذها الحازم لقرارات اللجنة المركزية ومكتبها السياسي وستظل المؤسسات العسكرية في ظل نظامنا الوطني الديمقراطي درعا أمينا وواقيا للثورة وطليعتها الثورية التنظيم السياسي الموحّد الجبهة القومية ... ان التنظيم السياسي سوف يظل كما كان الحال دائما وفيا وامينا لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر وسيواصل المكتب السياسي واللجنة المركزية مسيرة الثورة حتى تتحقق كل اهداف استراتيجية الثورة اليمنية .
عاشت القيادة الجماعية ولتسقط وإلى الأبد النزعة الفردية
عاش تنظيمنا السياسي الموحّد الجبهة القومية
والمجد والبقاء لشعبنا العظيم .
يقول شاكر الجوهري .... حين أذيع هذا البيان في مساء 26 يونيو 1978 كانت معركة ضارية قد وضعت أوزارها قبل قليل واستخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة بإستثناء الإعلام ، إذ في الوقت الذي كانت تدور فيه المعارك كانت اذاعة عدن تبث برامجها الإعتيادية دون أن تشير إلى القتال والمعارك ، ويعود سبب ذلك إلى أنه في غمرة القتال الذي اندلع فجر ذلك اليوم واستمر حتى المساء لم يحاول اي من الطرفين أن يستولي على الإذاعة وبدورهم فإن العاملين في الإذاعة لم يكن بإمكانهم إعلان موالاتهم لهذا الطرف أوذاك قبل أن تحسم المعركة المحتدمة ...
يخلص الباحث إلى أنه :
(1) جرت محاولات حثيثة لإقناع سالم ربيع علي بحضور اجتماع اللجنة المركزية ولكنه رفض المثول أمامها واكتفى بإرسال استقالته وجرد من مناصبه .
(2) أن من قاموا بالمسعى بينه وبين اللجنة المركزية هم : على عنتر وزير الدفاع ، صالح مصلح وزير الداخلية ، محمد صالح مطيع وزير الخارجية . (1)
(3) من خلال الوسطاء اتفق أن يغادر سالم ربيع علي في اليوم التالي إلى أثيوبيا وأن يجرى وداع رسمي له وشكلت لجنة وداع من قبل الثلاثة الذين أسلفنا ذكرهم .
(4) أن علي صالح عباد ( مقبل ) الذي كان العقل المدبر لإنتفاضة 14 مايو 1968 ضد قحطان الشعبي والتي شارك فيها سالمين بالدور الرئيسي اتصل بسالمين وأبلغه بان الفرصة مواتية لضرب اللجنة المركزية والتخلص من خصومه مرة واحدة ويبدو أن سالمين قد اقتنع بالفكرة ونفذ الهجوم الصاروخي والمدفعي على المبنى .
(5) عدم إطلاق حرس اللجنة المركزية للنار كرد على نيران الحرس الجمهوري جعلت سالم ربيع علي يعتقد ان القصف الصاروخي والمدفعي قد أدى فعلا إلى مقتل كل خصومه لكن كل أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية كانوا قد انتقلوا إلى منزل علي ناصر محمد واتخذوا قرارهم بالقتال والتصدي للرئيس ، وبدأوا هجوما معاكسا فجر اليوم التالي قامت به عناصر محدودة من رجال الميشيا واستهدف قصر الرئاسة الذي كان عبارة عن قصر قديم من العهد العثماني مقام فوق قمة جبل وكان محصنا بشكل جيد وبه غرفة عمليات كان الرئيس يدير المعركة منها وبه مخابىء سرية تحت الأرض لذا فقد استدعى الأمر أن تطلب القوات المهاجمة دعم الطيران والبحرية لقصف القصر والقوات المدافعة التي كانت جيدة التسليح والتحصين .
(6) في السادسة مساء ذات اليوم كانت القوات المهاجمة قد وصلت إلى القصر ونجحت في القضاء على المقاومة ووجهت نداء بالميكرفون للرئيس الذي كان بداخله وطلبت منه الإستسلام فخرج من المخبأ ومعه جاعم صالح عضو المكتب السياسي سكرتير الجبهة القومية في المحافظة الثالثة ( أبين ) وعلي سالم لعور عضو اللجنة المركزية سكرتير مجلس الرئاسة والساعد الأيمن للرئيس ونقلوا إلى المكتب السياسي حيث تمت محاكمتهم بسرعة وأعدموا .....
،،،،،
سنتعرض لشهادة فضل محسن حول الأحداث في طرح لاحق .
ويظل السؤآل قائما ولكن مع وجود إجابات تقريبية له تدخل في حكم المؤكدة :
من قتل سالمين ؟
هل يمكننا مشاركة من يقولون أن علي شايع هادي هو الذي أطلق النار على سالمين ( الرأي ) ؟
جائــــز ... فاعضاء اللجنة المركزية عاشوا وضعا مرعبا أثناء القصف المدفعي والصاروخي على مقرهم ولا يستبعد قيام أحد أولئك القبليين بتنفيذ القتل بحق سالم ربيع علي ... فعلي شايع وعلي أحمد ناصر عنتر ... ينتمون لنفس الفصيل .... والترجيحات المؤكدة تفيد ببراءة علي ناصر وعبد الفتاح اسماعيل من دم سالم ربيع علي وذلك لا يعفيهم من الخصومة السياسية معه وإنتقال أعضاء اللجنة المركزية لبيت علي ناصر محمد الذي نفذ فيه قتل سالمين كان بقصد إتقاء القصف والتمويه على من كانوا يهاجمون المبنى من على بعد .
،،،،،
تاليا شهادة فضل محسن على الأحداث :
يقول فضل محسن :
الآن أصبح الحدث في ذمة التاريخ (1) فسالم ربيّع علي وعبد الفتاح اسماعيل وصالح مصلح أصبحوا أمواتا ، وعلي ناصر محمد أصبح خارج الحزب والسلطة والبلاد ، وسأروي الحقيقة كما أعرفها :
في يوم الجمعة الموافق 13 يونيو 1978 توجهت مع عائلتي إلى جعار ( أبين ) لقضاء يوم نزهة كنت يومها عضوا في اللجنة المركزية ووزيرا للمالية ، بعد الظهر ذهبنا إلى دار الضيافة في خنفر فوجدت ( سالمين ) في المنطقة مجتمعا مع جاعم صالح وعلي سالم لعور وآخرين كنا على خلاف معهم ، فدخلت عليهم وسلّمت وجلست معهم لمدة نصف ساعة تقريبا ابتداء من الساعة الخامسة مساء ، وقد شعرت خلال وجودي معهم من تصرفات سالمين أن هناك شيء ما أحسسني بالقلق ، لذلك عدت بسرعة إلى عدن وأبلغت عبد الفتاح اسماعيل وعلي ناصر وعبدالعزيز عبدالولي (2) فقد كان واضحا أن الرجل مقدم على عمل شيء خطير ولكننا لم نكن نعرف ما الذي يخطط له سالمين ، وفي يوم 24 فوجئنا بحادث قتل الغشمي بواسطة مندوب سالمين .
ولدى دعوة اللجنة المركزية للإجتماع مساء يوم 25 يونيو لمناقشة تورّط سالمين في حادث الإغتيال رفض الحضور ، وساد حينها شعور مفاده أن ساعة انفجار الخلاف مع الرجل قد حانت دون سابق تخطيط ، وبدأنا على الفور نعمل من أجل حصر الإنفجار في أضيق نطاق ممكن ... في هذا الإطار عقدت العديد من الإجتماعات واللقاءت بين قادة الجبهة القومية الأساسيين قبل وبعد رفض سالمين حضور الإجتماع .
يوم 25 يونيو كان عبد الفتاح اسماعيل وعلى ناصر وعلي عنتر ومحمد سعيد عبد الله ( محسن ) ومحمد صالح مطيع وآخرين من أعضاء المكتب السياسي مجتمعين في منطقة المعاشيق وكنت أنا وعبد العزيز عبد الولي وعايدة يافعي ( عضو قيادة عامة ) وصالح مصلح في غرفة نوم علي ناصر في منزله الخاص الملحق بمنزل عائلته قرب مقر اللجنة المركزية ، أما سالمين فكان موجودا في الرئاسة ... كنا نحن الثلاثة نقوم بمهمة في غاية الأهمية والخطورة وهي إقناع صالح مصلح بتحديد موقف من الخلاف الناشب بيننا وبين سالمين وتتمثل أهمية وخطورة هذه المهمة في النقاط التالية :
(1) أن صالح مصلح كان وزيرا للداخلية أي أنه يحتل منصبا مهما ومؤثرا في حسم الصراع لدى انفجاره المرتقب ، ولم يكن صالح مصلح قد اتخذ موقفا من الخلاف من قبل ... لقد كان صالح مصلح رجل دولة من طراز فريد ... كان قليل الكلام ، ولم نكن نفاتحه في موضوع خلافنا مع سالمين من قبل لأنه كان ياخذ ولا يعطي في الكلام ، ولذلك فانه لم يكن من الذين اصطفوا ضد سالمين بل على العكس فقد كان يحب سالمين حبا كبيرا ، ولم يكن من بيننا من لم يحب سالمين غير أن الموقف تغيّر بعد أن تحوّل إلى العمل العشائري والمناطقي .... بالنسبة لصالح مصلح فقد كانت تربطه علاقة جيدة مع الجميع غير أن علاقته مع سالمين كانت أمتن لكنه في ذات الوقت لم يكن يقبل أن يصفي أي تيّار التيار الآخر .
(2) ان صالح مصلح كان معروف عنه الشجاعة وقد كان قائد منطقة أثناء حرب التحرير وكذلك أنا الآخر (3) وكان كل واحد منا يحسب حسابا للآخر ، لذلك فقد كنت طوال الحديث معه اراقب حركة يده حتى لا تصل إلى المسدس قبلي ... وكان هو يفعل الشيء ذاته .
(3) انه كان ممنوعا أن نخرج من هذا اللقاء دون أن نتفق ، ففي هذه الحالة كان يجب أن يقتل أحدنا على الأقل وكنا نحن ثلاثة وكان هو بمفرده ، وعندما كدنا أن نصل إلى طريق مسدود اتصل هاتفيا مع علي ناصر وقال له : شوف الجماعة ايش يشتون مني ( أي ماذا يريدون ) كلموهم فقلت له : لن تخرج حيّا أنت أو نحن قبل الإتفاق على موقف .
يضيف فضل محسن :
كان هذا موقف صالح مصلح حتى 25 يونيو بل أنه حاول في ذلك اليوم أن يفدي سالمين بحياته ، وقد قام في ذلك اليوم بدور غير عادي تمثل في اعترافه أمامي وأمام عبد العزيز وعايده بدوره في قتل الغشمي بالإتفاق مع سالمين وبمغامرته بحياته حين توجه إلى قصر الرئاسة برفقة علي عنتر ومطيع واقناعه بتقديم استقالته دون الحاجة إلى اراقة الدماء ، وقد كان دوره هو الأهم لأن سالمين لم يكن يثق بمطيع كما أنه كان يكره علي عنتر في حين أنه كان يثق في صالح مصلح ويحبه ، وقد نجح صالح مصلح في إقناع سالمين بتقديم استقالته بعد أن وعده بالخروج من عدن معززا مكرّما (4)
في ما يتعلق بمقتل الغشمي ....فقد اعترف لنا صالح مصلح أثناء تلك الجلسة بأنه شريكا لسالمين في التخطيط والتنفيذ .... كان سالمين وصالح مصلح لديهما حماس كبير جدا لقضية الوحدة اليمنية ، كانا عاطفيان ويريدان تحقيق الوحدة باي ثمن ، ولذلك واضافة إلى رغبتهما في الإنتقام من الغشمي فإن سالمين بتفكيره القاصر(5) وصالح مصلح بعاطفته المتأججة من أجل توحيد اليمن ونتيجة علاقات مع بعض الضباط الكبار في جيش الشمال ( قوات العمالقة التي كان يقودها المقدم عبد الله الحمدي شقيق الرئيس المغدور ابراهيم الحمدي والذي قتل معه ) ومجاميع موجودة في وحدات وأسلحة معيّنة حدث اتفاق شخصي من خلال سالمين لا علاقة للحزب به على أن يقوم سالمين بتصفية الغشمي بالإشتراك مع صالح مصلح وأن تقوم هذه المجاميع بالتحرك فورا للإستيلاء على السلطة كخطوة أولى على طريق توحيد اليمن (6) ... وقد قام صالح مصلح بإعداد مهدي ( تفاريش ) مندوب الرئيس وهو من منطقة صالح مصلح ومن قدامى المحاربين بعد أن أفهمه أنه سيقتل الغشمي وسيستشهد معه من أجل تحقيق الوحدة اليمنية ، كذلك فان صالح مصلح هو الذي جهز الحقيبة المتفجرة التي انفجرت بالغشمي .... وبعد أن جهز صالح مصلح الحقيبة اتصل سالمين بالغشمي وقال له أنه سيعيد غدا ( 24 يونيو ) شيوخ القبائل الذين اختطفهم عبد الله عبد العالم (7) على متن طائرة خاصة وكان قد جرى تفاوض سابقهم بخصوصهم وسيرافقهم مندوب خاص مفوض من قبله ولديه بعض المعلومات التي سيعرضها عليه .... وبالفعل فقد وصلت الطائرة الخاصة وعلى متنها الرهائن والمندوب الذي كان في انتظاره موظف من قصر الرئاسة اصطحبه فورا الى مكتب الغشمي وأدخله عليه دون أن يلاحظ أن هذا المندوب لم يسبق له أن ارتدى بدلة أو ربطة عنق من قبل ذلك اليوم أبدا ولكنه كان قد تدرّب جيدا على التلغيم والتفجير .
يتابع فضل محسن روايته المثيرة :
عندما أدلى لنا صالح مصلح بهذه الإعترافات كان يقول لي بالذات اقتلني أنا الذي قتلت الغشمي وليس سالمين ... اقتلني أنت وأنا راض ولكن اذا تفوّه معي أنيس حسن يحيى أو عبدالغني عبد القادر أو علي ابوبكر باذيب فانني سأرتكب أكبر حماقة...... ذلك أنه لم يكن يعتبرهم مناضلين ، والواقع ان اعتراف صالح مصلح كان يهدف أيضا الى توسيع نطاق الأزمة من أجل أن يتم في النهاية لفلفة الأمر كله دون أن ينتقص ذلك من مصداقية اعترافه (8 ) ولكننا قلنا له أن الخطأ هو خطأ سالمين لأنه إن كان هو متهورا فإن سالمين رئيس دولة ويجب أن يكون عاقلا (9 )
وينهي فضل محسن رواية اعتراف صالح مصلح مؤكدا أنه لم يجر استبدال مندوب سالمين أو حقيبته كما أشاعت بعض الجهات في حينه ... ويقول : لو كان هذا قد حدث لكان قد كشفه علي ناصر محمد الموجود الآن لاجئا في صنعاء وبالنسبة لصالح مصلح فانه لم يحاسب أويحاكم لإشتراكه في قتل الغشمي .
كلام يحوي ثغرات كثيرة ويدفع إلى التساؤل تجاوزا لمن قتل سالمين عن من قتل الغشمي أيضا .... سنفرد بندا آخرا لشهادة فضل محسن عبدالله عن كيفية انفجار الوضع فلعل كلامه يقودنا إلى حقيقة وسط التضارب والتمويه والتعمية وتلفيق التهم لسالمين الذي لو كان خطط تخطيطا محكما مسبقا لتفجير الأوضاع داخل اليمن الجنوبية لتصرف تصرفا يفي برغبته في القضاء على رفاق المسيرة والتخلص منهم ... كيف لا !!!! وهو الرجل الذي مارس العمل القتالي خلال حرب التحرير الوطني وخبر كيفية القضاء على الخصوم ولو بواسطة شن حملة حرب عصابات مباغته عليهم ... فأين ذهبوا أنصار سالمين ، وهل سالمين ساذجا فعلا مثلما يحاول من يشهدون على تاريخه تصويره بعد أن صعدت روحه إلى بارئها بالتقول عليه بما ليس فيه ... وما سر بقاء صالح مصلح في عضوية المكتب السياسي وهو الذي خطط ونفذ لقتل الغشمي بإيعاز من سالمين مثلما جاء في الأقوال المنسوبة له في شهادة فضل محسن ؟