نسب قبيلة المصعبين - بحث ومقارنات واستنتاجات

قبيلة المصعبين العريضة قبيلة غنية عن التعريف بحاضرها وماضيها وأصالتها
وقد إختلف المؤرخون حول أصول هذه القبيلة ومن مالاشك فيه أن هذه القبيلة مثلها مثل
سائر القبائل العربية تأثرت بالتنقل والترحال والبحث عن مواطن العيش والكلأ قديما
وتأثرت أيضا بالحروب الغابرة وانعكس ذلك على أطيافها ووحدة عشائرها
ودخلت وتداخلت في مايسمى الأحلاف القبلية قديما والتي مع مرور الزمن أصبحت
في رأي الكثيرين نسبا يعتد به بينما الأحلاف في حقيقتها ليست نسبا وإنما إملاءات أوجدتها
الظروف الزمانية والمكانية على الجميع .

تلك المقدمة التي نضع بها موضوعنا هذا ليست حكرا على قبيلة المصعبين فقط بل
يجمع المؤرخون المعاصرون على ان جميع القبائل العربية قد تأثرت بتلك الأحلاف
لذلك فالحقيقة التي يجمع عليها الجميع هي ان القبيلة الواحدة في وقتنا الحاضر
لايمكن الجزم بانها جميعا تنحدر من جد وأصل واحد .

وهذا لاينفي بالطبع ماأحدثته تلك التحالفات من قوة الرابط بين أفراد القبيلة الواحدة
للدرجة التي تتلاشى معها كل الفروقات ويلتحم فيها الأفراد ويصبح العرق والدم والغرم فيها واحدا

لذلك فبحثنا هنا وموضوعنا ليس بصدد تغيير واقع ولابهدف إثبات نسب عشيرة وإنكار عشيرة اخرى
فالوضع الحالي الذي يعتبر مستقرا منذ اكثر من خمسين سنة هو وضع مقبول ومرتضى من قبل الجميع
سواء داخل قبيلة المصعبين أو خارجها

ولكننا هنا سنركز أكثر على إلى من ترجع قبيلة المصعبين وهذه النقطة عند البحث فيها لابد لنا
من الإشارة ألى نقطة التحالفات الداخلية في قبيلة المصعبين نفسها فهي النقطة الهامة التي تفسر لنا
سبب اختلاف الروايات عن اصل المصعبين ..

وهنا سنختصر القول عن ثلاث روايات تكاد تكون هي الأكثر انتشارا بين الجميع وفي جميع المؤلفات

الرواية الأولى تشير إلى أن قبيلة المصعبين تعود في أصولها إلى قبيلة جشم المتفرعة من يام
الرواية الثانية تشير إلى انحدار قبيلة المصعبين من قبيلة قريش وتجمع هذه الرواية في نفس الوقت نسب المصعبين ونسب قبيلة قيفة في جد واحد الى مذحج
الرواية الثالثة تشير إلى ان قبيلة المصعبين تعود في اصولها الى قبيلة قحطان العريقة

حسنا هنا يجد الشخص أنه أمام حيرة من نفسه كيف يستطيع تحليل تلك الروايات وكيف يستطيع تمحيصها

وكيف يستطيع في نفس الوقت ان ياتي في هذا الزمن المتاخر ليحكم على أقوال من سبقوه ؟

الإختلاف موجود والروايات متعددة وبطبيعة الحال لابد للشخص الدارس أن يراعي جميع تلك الروايات
وأن يعطيها حقها من الدراسة والتمحيص .

وهنا سوف نضع هذا البحث الذي سترتكز استنتاجاته على :

الروايات التاريخية
المساكن الأصلية
المقارنات
التحالفات الداخلية ومنشأها

وبالنهاية إن أصبنا فمن الله وإن أخطأنا فمن عند أنفسنا

بداية نود التنبيه الشديد إلى أننا في بحثنا هذا سنتحدث عن قبيلة المصعبين التي تسكن الجزيرة العربية فقط
وذلك كي لانتفرع كثيرا وكي نحصر الإختلاف ونخرج بنتائج متقاربة ومنطقية

وفي عصرنا الحالي نجد ان قبيلة المصعبين تسكن في أكثر من منطقة جغرافية
فمنهم من يسكن في :
منطقة بيحان باليمن
منطقة نجران بالسعودية
موزعون أيضا على إمارات الإمارات العربية
منطقة وادي تبالة ببيشة
منطقة ريمة باليمن

وسوف نتحدث عن ذلك بالتفصيل ولكن علينا ان نأخذ في الحسبان المدة الزمنية التي تواجد فيها
المصعبين كقبيلة في منطقة ما .

منطقة بيحان وهي الأكثر يتواجد فيها المصعبين منذ اكثر من 350 سنة
ثم تأتي بعد ذلك منطقة وادي تبالة ببيشة التي يتواجد فيها قبيلة المصعبين التي تعود لقبيلة شمران
ثم أدنى من ذلك منطقة ريمة في شمال اليمن
أما بالنسبة للإمارات فتواجدهم فيها لايتجاوز ال 60 سنة حسب مانعلمة من تاريخ كتابة هذا البحث

أما منطقة نجران فالكلام حولها سنتحدث عنه بقسمين
القسم الأول وهو تواجد قبيلة المصعبين بها منذ ماهو اكثر من 250 سنة وغيابهم عنها
القسم الثاني وهو التواجد لقبيلة المصعبين في هذه المنطقة في الوقت الحاضر والذي تشير جميع التقارير
إلى أنه منذ 1970 ميلادي وكان في بدايته قليلا نوعا ما ثم بدأوا بالتكاثر والتواجد هناك

سبق وذكرنا بأن البحث في نسب قبيلة المصعبين يكاد ينحصر في ثلاثة روايات وهي : الرواية الأولى تشير إلى أن قبيلة المصعبين تعود في أصولها إلى قبيلة جشم المتفرعة من يام الرواية الثانية تشير إلى انحدار قبيلة المصعبين من قبيلة قريش وتجمع هذه الرواية في نفس الوقت نسب المصعبين ونسب قبيلة قيفة في جد واحد الى مذحج الرواية الثالثة تشير إلى ان قبيلةالمصعبين تعود في اصولها الى قبيلة قحطان العريقة وهنا دعوني أولا أذكّر بقول العلامة إبن حزم في كتابه (جمهرة أنساب العرب ) حيث قال بالنص ( إلا أن الذي يقطع به، ويثبت، ويحقق، ويوقن، فهو أنه ليس على ظهر الأرض أحد يصل نسبه بصلة قاطعةٍ، ونقل ثابت، إلى إسماعيل، ولا إلى إسحاق - عليهما السلام - نعني ابني إبراهيم خليل الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف إلى نوح؟ فكيف إلى آدم؟ - عليهما السلام - هذا ما لا مرية فيه! ) وهذا هو عين الصواب في الحقيقة فكثير من الناس تراهم يتفاخرون بذكر أنسابهم إلى إسماعيل ومنهم من يتعدى ذلك إلى ابراهيم وهذا من الجهل والمكابرة فقط . ثم نبدأ القول هنا بالتذكير بماذكره العلامة الشهير ابن حزم في حقيقة انساب العرب حيث قال : ( جميع العرب يرجعون إلى ولد ثلاث رجال: وهم عدنان، وقحطان، وقضاعة ) وهنا وجب علينا التركيز قليلا خصوصا في مايتعلق بموضوعنا هذا الذي هو قيد البحث : فتلك الروايات رواية منها تقول أن قبيلةالمصعبين ترجع لقبيلة يام ورواية أخرى تقول أنها ترجع في نسبها إلى قبيلة قريش ورواية ثالثة تقول أنها ترجع الى قبيلة مذحج وبناءا على أقوال النسابة القدامى العرب وفي جميع كتب الأنساب سنجد ان هذه الروايات متضاربة فلايمكن بأي حال من الأحوال أن أقول ان قبيلة المصعبين ترجع لقبيلة يام ( القحطانية ) فيام هي : يام ابن أصبا بن رافع بن مالك بن جشم بن حاشد , وحاشد إحدى كبريات قبائل همدان , نسب إلى حاشد بن حبران بن نوف بن همدان بن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيدبن كهلان من سبأ ( الكتاب : نسب معد واليمن الكبير المؤلف : ابن الكـلبي ) وسبأ هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بينما قبيلة قريش قبيلة عدنانية وفي هذا تضارب اما من ينسبونهم لقبيلة مذحج القحطانية فمذحج هو : مذحج بن أدد بن زيد بن يشجب بن غريب بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ( الكتاب : نسب معد واليمن الكبير المؤلف : ابن الكـلبي ) وهنا سنلاحظ ان قبيلة يام ترجع في نسبها إلى مالك بن زيد بينما مذحج تعود في نسبها إلى غريب بن زيد وفي كل الحالات يبقى الإختلاف واضحا ً وغير مقبول أن نقول ان قبيلةالمصعبين تعود في نسبها لقبيلة يام أو مذحج القحطانيتين وفي نفس الوقت نقول انها ترجع لقبيلة قريش العدنانية !! ولكن ماذا عن الروايات التي تحكي عن وجود قبيلة المصعبين في منطقة نجران ؟ هذا هو ماسيقودنا للنتيجة المنطقية التي تجمع بين تلك الروايات وتفسر لنا سبب اختلاف الروايات خصوصا إذا مااخذنا في عين الاعتبار الطرح الثاني من هذا الموضوع والذي تحدث عن المساكن والأسماء لهذه القبيلة

توقفنا عند ذلك السؤال وهو :

منذ متى امتلكوا تلك القرى ؟ لأنه سؤال مهم جدا جدا لمن أراد البحث المحايد المنطقي ...

حسنا ً هذا السؤال يتوجّب علينا للإجابة عليه أن نسأل أيضا منذ متى سُكنت منطقة نجران ؟

طبعا الإجابة ستعود بنا إلى زمن بعيد جدا جدا ولكن مايهمنا هو قبيلة يام .. فشاهد الحديث هنا
هو الربط بين قبيلة المصعبين وبين قبيلة يام على أساس أن المصعبين ماهم إلا فرع من قبيلة يام

طبعا بالعودة إلى كتب التاريخ :

تتحدث كتب التاريخ والروايات الموثوقة أن قبيلة بالحارث بن كعب المذحجية هي القبيلة التي
سكنت نجران قبل ظهور الإسلام بعدة قرون وحكمته بملوكها المشهورين بنو عبدالمدان وهي قبيلة في الماضي كان لها صيتها وقوتها
واشتهرت بشجاعة فرسانها ونلاحظ هنا أن قبيلة بالحارث بن كعب هي قبيلة مذحجية وهذا نسبها:

الحارث بن كعب بن عمرو بن عُلَة بن جلد بن مالك
( ومالك هم مذحج ) بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب
بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان
فهم من مذحج من كهلان بن سبأ بن قحطان

أما قبيلة يام فقد تحدثنا عن نسبها ولكن أين كانت قبيلة يام في ذلك الوقت ؟
طبعا الجميع يعرف أن قبيلة يام كانت تسكن بمنطقة الجوف من أرض اليمن
وهناك جبل معروف مازال يسمى بجبل يام

وكان بنو الحارث يحكمون نجران لما بعد ظهور الإسلام بل أن وفد أهل نجران الذي ذهب الى الرسول صلى الله عليه وسلم كان يترأسه بنو الحارث بن كعب وهم من قال عنهم الرسول عندما رآهم ( من هؤلاء الرجال الذين يشبهون رجال الهند )

ولاحظوا معي كلمة رجال ( الهند ) فسوف تواجهنا هذه الكلمة لاحقا عندما نتحدث عن اسم قبيلة آل الهندي هل هو اسم شخص أم لقب وهل هو حلف أم لا ؟

توقفنا عند الحديث عن قبيلة بالحارث بن كعب وأوضحنا نسبها وأنها قبيلة مذحجية
وأشرنا إلى حقيقة مسمّى ( ال الهندي ) وأنه لقب اشتهروا به بعد سؤال الرسول عنهم وتشبيههم
برجال الهند ومن هذا يتضح لنا ان إسم هندي ماهو إلا لقب في حقيقته وليس إسم جد
وان أول من اشتهر به هم رجال آل الحارث بن كعب .

ولكن كيف أصبح هذا اللقب يطلق على غير آل الحارث بن كعب ؟

سبق وأشرنا في حديثنا أعلاه أن قبيلة يام كانت تسكن الجوف من اليمن وجبلهم هناك مازال يحمل نفس الإسم
ولكن وبحسب ماتشير كتب التاريخ إليه ان قبيلة يام التي كانت تسكن منطقة الجوف قد ضاق بها الحال هناك وارادت أن تتسع منطقة سيطرتها ونحن هنا نتحدث عن فترة زمنية تعود لما قبل القرن التاسع او الثامن الهجريه وهي فترة بدأت تضعف فيها قوة وشكيمة قبيلة بالحارث بن كعب التي كانت تسيطر على نجران وبالفعل فقد كان لقبيلة يام ماأرادت واستطاعت السيطرة على نجران بل وأن قبيلة بالحارث بن كعب اندمجت معها ودخلت معها في حلف ولاغرابة في ذلك فالتاريخ قد حدثنا عن مثل تلك الوقائع كثيرا

ولكن الشاهد في الحديث هنا ومايهمنا هو هذا الاندماج ؟

ومنه نستخلص نقطتين هامتين :

* أن الإندماج كان حلفا

* ان الحلف هذا اتخذ له اسما لقبا وهو الاسم الذي اشرنا إليه سابقا ( الهندي )

إذن من هذه النقطتين الهامتين يتحظ لنا أن اسم الهندي ماهو الا لقب وليس جدا وأنه في ذات الوقت
حلفا جاء نتيجة تلك الظروف الزمنية .. وبذلك نكون قد وضعنا أيدينا على اهم نقطة وهي النقطة التي يقول أصحابها أن قبيلة المصعبين تعود إلى قبيلة آل الهندي فقبيلة آل الهندي في أساسها ماهي إلا أحلاف فقط ولقبا وليس جدا وبذلك نكون قد وصلنا إلى نقطة تعارض جوهرية في حقيقة النسب وأنه من يرجعون نسب قبيلة المصعبين إلى آل الهندي كنسب دم وعرق يكونوا مخطئين في ذلك .. ولكن هذا لايمنع من أن يكون في كلامهم جزء من الحقيقة ونبني ذلك على فرضية أن جزءا من قبيلة المصعبين قد يكونوا جزءا من ذلك التحالف

ولكن لماذا نقول جزءا من المصعبين ولم نقل المصعبين كلهم ؟

هذا ماسنتطرق إليه في حديثنا القادم بإذن الله تعالى

أشرنا في كلامنا السابق أن حكم بنو الحارث بن كعب قد بدأ في نجران منذ ماقبل ظهور الإسلام ثم بدأ يضعف بحلول القرن الثامن الهجري والذي فيه بدأت قبيلة يام المجاورة بالنزول من الجوف إلى نجران لتبسط نفوذها عليه وأدى ذلك إلى دخول قبيلة بالحارث بن كعب في حلف مع بعض قبائل يام تحت مسمى آل الهندي وأشرنا إلى أن الهندي ماهو إلا لقب .
حسنا أثناء ذلك وتحديدا في الجهات الشمالية من نجران ونقصد بها بلاد قحطان كانت رحى المعارك تدور هناك
طبعا كالعادة ولنفس الأسباب وهي فرض السيطرة والنفوذ القبلي ... ونحن هنا نتحدث عن فترة تتراوح مابين
القرن السابع والثامن الهجري وكان الصراع على أشده بين أقطاب النفوذ في تلك المناطق وهم قبائل عبيدة قحطان وقبائل بني بشر قحطان وقبائل سنحان قحطان .

وتلك الحروب مؤرخة وثابتة في كتب السيرة والتاريخ ومعلومة لأهلها برجالها وأحداثها ومناطقها وهذه النقطة سنعود إليها ولكن دعونا ننتقل إلى نقطة أخرى وهي في ذات الفترة أي بحدود القرن الثامن الهجري كان هناك وبالجنوب من نجران بأقصى اليمن في بلاد قيفة التي تقع بالجنوب الغربي من مدينة صنعاء .
ماذا نجد هناك ؟

توقفنا عند الحديث عن بلاد قيفة ودعونا نذكر هنا من هي قبيلة قيفة :

ورد في كتاب معجم البلدان والقبائل اليمنية للعلامة المقحفي مانصه
( قيفة بطن من مراد واسمة عامر بن مفرج بن ناجية بن مراد)

وكذلك ورد في كتاب صفة جزيرة العرب للهمذاني أن قيفة بطن من بطون مراد ومراد قبيلة مذحجية كما نعرف وسبق الإشارة إليه .

هذا في مايختص بنسب قبيلة قيفة أما مايختص بفروعها
فهي تنقسم إلى :

1-الربيع بن أحمد
2-أسلم بنأحمد
3-مصعب بن أحمد
4-نهبل بنأحمد

وكما نلاحظ كلهم أبناء رجل واحد ولكن بلاشك أن قبيلة قيفة مثلها مثل سائر القبائل العربية الأخرى قد تأثرت
بموضوع الأحلاف التي كانت تفرض نفسها نتيجة ظروف معينة .

ومايهمنا هنا هو نقطتين :

النقطة الأولى هي موقع قيفة وفروع قيفة :

موقع قيفة كما سبق وأشرت إليه تقع بالجنوب الغربي من مدينة صنعاء

حسنا

نحن الأن نتكلم عن فترة زمنية بحدود القرنين السابع والثامن الهجري وهنا أتمنى التركيز جيدا فالأمور ستبدأ بالتداخل والتقاطع في عدة محاور جغرافية

قلنا أن في حدود تلك الفترة في بلاد قحطان كانت تدور رحى المعارك والسيطرة القبلية وفي ذات الفترة بدأت
قبيلة قيفة بالتوسع والإنتشار شمالا وجنوبا من ديارها الأصلية فمنهم من ذهب للجوف ومنهم من ذهب لرداع
ومنهم من نزل منطقة بيحان .

وأذكّر هنا أنني اتحدث عن فترة زمنية تتراوح مابين القرن السابع والثامن الهجري وتمتد لأواسط القرن التاسع الهجري

حسنا مايهمنا هو من الذي نزل من قبيلة قيفة لمنطقة بيحان ومن كان يتواجد في منطقة بيحان عند هذا النزول !!

ونكمل حديثنا وبحثنا الذي بدأناه وقد توقفنا عند نقطة :

من الذي نزل من قبيلة قيفة لمنطقة بيحان ومن كان يتواجد في منطقة بيحان عند هذا النزول !!
طبعا بالنظر إلى شجرة قبيلة قيفة نعرف تماما من هي المجموعة التي نزلت من قبيلة قيفة واستوطنت بيحان وهم فخذ مصعب بن أحمد وتلك نقطة لامرية فيها ولاجدال ومازالت دار مصعب في منطقة قيفة تشهد بذلك وأيضا جميع النسابة المعاصرون ومن لهم باع في ذلك يعلمون بذلك
وكما ذكرت أننا نتحدث عن فترة زمنية تعود لأواسط القرن التاسع وعودا إلى القرن السابع
حسنا نحن هنا بصدد البحث عن من كان يسكن منطقة بيحان حين نزول مجموعة من قبيلة قيفة إليه
وقد ذكرنا في الحديث أن قيفة بالأصل تعود إلى قبيلة مراد
ذكر في كتاب صفة جزيرة العرب لمؤلفه الهمداني أن أصل منطقة بيحان هم مراد
هذا ماتم ذكره وبالحقيقة لاأجد في تلك النقطة إلا أنها نقطة إلتباس فقط لاغير سواء من ناحية الفترة الزمنية التي تم فيها تدوين ذلك الكتاب او على الكاتب نفسه نظرا لإتساع رقعة المنطقة المذكورة وعدم وضوح حدودها بالشكل تام أو لنقل عدم وجودحدود تلك المنطقة في تلك الفترة كما هي عليه اليوم وكما نعرفها ولأن قبيلة مراد في تلك الفترة هي الأكبر والأشهر
فالإحتمال الكبير هو ان المؤلف قد ظن ان المنطقة برمتها تتبع لقبيلة مراد ولم بتنيه لوجود بعض العوائل فيها .أما الإحتمال الثاني فهو أن تلك العوائل في الأصل تعود لقبيلة مراد وهو احتمال ضعيف ولكن يبقى احتمال من ناحية البحث .
والسؤال هنا هو من هي تلك العوائل !!

طبعا وفي أغلب الروايات الموثوقة والقديمة من الموثوقين بهم في النقل ومن عدة مصادر نستقي ذلك
ذكروا أن من كان يسكن بيحان عدة عوائل منها ( آل هدنة , آل ابو حمرا, أل سنيد ) وأيضا قبيلة
آل بهجة الدولة التي سكنت بأعلى بيحان .وجميع تلك العوائل الكريمة ماتزال تتواجد ببيحان وهم من أهل بيحان عندما يتم ذكره .
ونحن هنا لسن بصدد البحث في أنساب تلك العوائل الكريمة النبيلة ولكن نذكر فترة تاريخية
وبذكرنا لتلك الفترة التاريخية نؤمن أشد الإيمان أن مامضى قد مضى بخيره وشره ولانمتدح أحدا بالتنقيص من شأن أحد والمتأمل في التاريخ وسيرته يدرك أن الايام دول والمشيئة مشيئة الله في امتلاك الأرض أو ترك الأرض وأن الأرض كلها لله يهبها لمن يشاء وينزعها ممن يشاء
فلايظنا ً أحدُ أننا هنا نريد ان نثبت امتلاك تلك الأراضي جاء نتيجة القوة لقبيلة دون أخرى
بل على الواعي العاقل أن يدرك ان لكل فترة من التاريخ ظروفها التي قد ترجح كفة على أخرى
والتي قد تسلب الحق من أهله وتعطيه لغير أهله ويصبح مع الزمن حقا مشروعا لهم وهكذا .

حسنا قلنا أن فخذ آل مصعب بن أحمد من قيفة قد نزلوا لمنطقة بيحان في تلك الفترة منفردين بأنفسهم
ككيان مستقل عن قبيلتهم الأصل وعن ماجاورهم من القبائل وطبيعي أن يكون إنتسابهم
لجدهم وهم مصعب ... وهنا اجد من المستحسن أن أشير إلى سبب تسمية المصعبين

توقفت في الحديث السابق عند نقطة سبب تسمية المصعبين وهنا يجدر بي الإشارة إلى تلك النقطة
فهي أيضا من النقاط التي تساعد في وضوح البحث وتصحيح بعض المعلومات الخاطئة

اللغة العربية لغة من أفضل اللغات التي حملها الإنسان فهي تستطيع التعبير عن ادق تفاصيل المشاعر
وعن أكثر مكنونات الإنسان والطبيعة ولنا الفخر كعرب بلغتنا العربية
وحين أود الإشارة إلى سبب تسمية المصعبين فهنا لابد لي من العودة إلى أصول اللغة العربية

كلمة مصعبين ككلمة تطلق على كيان قبيلتنا بشكلها المفهوم كلمة تعتبر خاطئة إن أراد بها ناطقها صيغة الجمع
هذا من ناحية النحو فأصلها في النحو المصعبيون أو المصعبيين بحسب موضعها من الجملة أما إذا أراد ناطقها بها الإشارة إلى المثنى ففي ذلك نظر
فالمثنى له حالته التي يرفع بها وينصب بها كقولنا المصعبين او المصعبان
وعموما من ذلك نستدل أن إطلاق كلمة مصعبين بصيغة الجمع إطلاق خاطيء من الناحية اللغوية
وبما ان كلمة المصعبين أطلقت منذ عهد بعيد مازال اهله يحتفظون بمقومات اللغة الصحيحة
فبلاشك انهم أطلقوها وهم يعون جيدا انهم لايقصدون بها صيغة الجمع
إذن فالإطلاق هنا جاء بصيغة المثنى والذي مع الوقت أصبح دارجا على ألسنة الناس كصيغة جمع
مما ادى إلى ظن الكثير أن كلمة مصعبين جاءت بصيغة الجمع لسلالة رجل واحد اسمه مصعب
وهذا خطأ فادح كبير ومن ذلك نستدل أن كلمة المصعبين تشير إلى المثنى وليس بالضرورة هنا
أن يكون المثنى لرجلين في وقت واحد اجتمعا بل أن المنطق سيدلنا على أن الإطلاق ذلك جاء على
عدة مجاميع اجتمعت تحت هذا الإسم قد تكون في بدايتها تشكلت بمجموعات ثنائية وقد يكون لا
ولكن المهم من ذلك كله أن نعي جيدا ان كلمة مصعبين كلفظة عربية لاتطلق على صيغة الجمع

يبدو أن الحديث طال قليلا عن سبب التسمية ولكن كان لابد من ذلك ودعوني الآن أعود إلى ماسبق الوقوف عنده

ونكمل مانحن بصدده

توقفنا عند نزول فخذ مصعب بن أحمد القيفي إلى منطقة بيحان وأنهم نزلوها وكان بها عدة عوائل
وبالمناسبة حتى لايظنا ً احد أننا نتجاهل أو جهلنا أحد فالحديث عن تلك العوائل لايعني عدم وجود
غيرها من القبائل الأخرى التي استوطنت بيحان كقبيلة بالحارث العريقة ولكن لسنا بصدد البحث عن زمن نزول قبيلة بالحارث إلى منطقة بيحان ولاعن غيرها من المجموعات الكبيرة
ولكن من مالاشك فيه أن العوائل التي ذكرناها بالإسم هم الأقدم من الجميع .

ونواصل حديثنا بعد نزول فخذ مصعب بن أحمد لتلك المنطقة

هل توقف الزمن في غيرها من المناطق ؟
طبعا لا لم يتوقف بل على العكس فإن الأحداث تجري لمستقر ٍ لها بمكان ٍ ليس ببعيد عن بيحان
سواء في الجوف ونجران وبلاد قحطان

سبحان الله تجري الأحداث على اختلافها الجذري في تلك الفترة لتصنع توحدا ً جميلا نراه اليوم في وقتنا الحاضر

حسنا هل نكمل الحديث عن فخذ مصعب بن أحمد ام ننتقل لغيره ؟

طبيعي أن أنتقل لغيره لتبقى جميع الخيوط والمسارات تسير في نظرك أخي القاريء الكريم
بشكل متوازن وحتى لايغيب عن ذاكرتك شيئا من الكلام أعلاه وكي تستطيع أن تكون صورة كاملة للأحداث

والآن دع نقطة فخذ مصعب بن أحمد على حدة ( وتذكرها جيدا وتذكر تاريخها )
وانتقل معي رعاك الله إلى بلاد قحطان
ماذا قلنا عنها ؟

قلنا أن المعارك حينها كانت تدور للسيطرة السياسية وإن كانت ليست بالمفهوم الذي نفهمه عن السياسية اليوم ولكنها في ذات الوقت لاتختلف عن أهدافها النهائية .. حسنا كانت المعارك تدور حينها بين أقطاب القوة
في تلك القبيلة الكبيرة القوية المترامية الأطراف قبيلة قحطان وهي :

فخذ عبيدة قحطان وفخذ بني بشر قحطان وفخذ سنحان قحطان

مايهمنا هو فخذ سنحان القحاطين

فمنه تنحدر العنابس ونسبهم كالتالي :
عنبس هو:

عنبس بن عمر بن عمرو بن عامر بن سنحان بن عامر

وقد تفرقت العنابس لعدة عشائر ومن أهمها :

آل مصعب بن جبير بن عبدالواحد بن عنبس

الذين يعدون من أقوى بيوت العنابس شكيمة وفروسية وقد حدثت كما قلنا عدة نزاعات بين العنابس
وبين بني عمومتهم بني بشر في منطقة الخوايس ثم انتقلوا بعدها لمنطقة وداي الفيض

المصدر كتاب : ( معجم ندى من سد مأرب )

توقفنا في حديثنا السابق عند نقطة إنتقال العنابس إلى وادي الفيض

طبعا لاأنسى أن أنبهك أخي الكريم القاريء إلى نقطة مهمة جدا جدا

وهي نقطة الإنتقال هذه فنحن هنا نتحدث عن فترة زمنية بعيدة كان الإنتقال فيها والترحال شاقا جدا
والمسافة التي نطويها اليوم في ساعة من الزمن كانت تستغرق أياما وأكثر
وفي ذات الوقت نتحدث عن مجموعات كاملة لانعلم أثناء إنتقالهم هل رحلوا كلهم أم بقي منهم البعض
وأثناء هذا الرحيل هل واصلوا مسيرهم دفعة واحدة إلى منطقة بعيدة ام أنهم توقفوا في عدة محطات
وأثناء ذلك التوقف انقسموا فمنهم من واصل ومنهم من بقي كل تلك الامور يجب ان ناخذها في البال
وان نعلم انها من ضمن الأسباب التي تؤدي إلى الحيرة في الأنساب وترابطها.

حسنا قلنا أن العنابس ارتحلوا إلى وادي الفيض

وأين يقع وادي الفيض هذا !!

يقع لليمين من منطقة الحرجه ( بعد ظهران الجنوب ) وهو بعد منطقة الحرجة بمسافة بحدود 13 كيلو
للمسافر شمالا .

فمنهم من بقي في ذلك الوادي وهم قلة قليلة جدا ومنهم من ارتحل لمنطقة بيشة وبالتحديد
منطقة وادي تبالة وهو وادي مشهور ومنهم من ارتحل لنجد ومنها لقطر

ومنهم من ارتحل لمنطقة بدر الجنوب شمال نجران

حسنا نحن هنا نصل لمفترق طرق يجب التركيز به جيدا فهو سيكون نقطة وصل بين القادم من الكلام
وبين ماسبق ذكره

من الله السلام عليكم

توقفنا في حديثنا السابق عند نقطة إنتقال العنابس وترحّلهم لعدة مناطق أشرنا إلى مانعرفه منها
حسنا هنا يجب التركيز

نحن مايهمنا في هذا البحث هم المجموعة التي توجهت لنجران ( بدر الجنوب )

حسنا لماذا ذهب تركيزنا لتلك المجموعة ؟

من الطبيعي لمن يريد البحث وربط الأمور بعضها ببعض أن يتنبّه لعدة نقاط :

التاريخ , المناطق , الاحداث المصاحبة , الأسماء , الروايات

وفي بحثنا هذا من الطبيعي عندما ننظر لتلك النقاط أعلاه
فمن الطبيعي أن نستنتج أن تلك المجموعة التي توجهت لنجران سيكون لها شأن مستقبلا
وانها هي إحدى المجموعات التي نبحث عنها .

فإن سأل سائل وماأدراك أنها ترتبط ببحثنا هذا !!

فالجواب الحاضر هو .. أن متابعة هذا البحث لنهايته كفيلة بإماطة عمامة الحيرة عن رأس المحتار.

حسنا

متى كان نزول تلك المجموعة لمنطقة نجران؟
تلك هي النقطة أو الحلقة الواصلة في هذه الجزئية من البحث .

لاشك ان نزول تلك المجموعة لنجران لم يأت إلا بعدنزول قبيلة يام من منطقة الجوف واستقرارهم
في نجران بفترة زمنية كافية لإندماجهم في المجتمع النجراني وتقوية مركزهم فيه واحتلالهم للخانات
المتقدمة في الشهرة والذكر كسكان وأهل وطن .
وهذا يعني أن قبيلة بالحارث بن كعب قد انصهرت كليا في مجاميع قبيلة يام وتشكلت معها
في مجموعات جديدة

سبق وأشرنا الى سبب تسمية ( آل الهندي ) وأن الإسم بحد ذاته ماهو إلا لقب أطلق عليهم
واشتهروا به

حسنا أخي الكريم ألا تلاحظ أن اللقب هذا أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم أي بمعنى
أن ذلك الإطلاق كان في بداية صدر الإسلام أليس كذلك ؟

أي أن اللقب تم تداوله لفترة طويلة في منطقة نجران لحين نزول قبيلة يام لمنطقة نجران
أي ان نزولهم لمنطقة نجران ماجاء إلا وقد استقر هذا الإسم وأصبح علما
ولكن اللقب لم يعد لقبا حكرا على قبيلة بالحارث بن كعب بل أصبح اللقب ( حلفا )

وهذا الحلف هل يشمل جميع قبيلة يام التي نزلت من الجوف؟ مع جميع من هم من قبيلة بالحارث بن كعب ؟

طبعا لايستطيع احد أن يقول بذلك وفي ذات الوقت هل نستطيع ان نقول أن جميع من نزلوا من الجوف
يمثلون قبيلة يام فقط ؟ فلاتنسى أخي القاريء الكريم حفظك الله أننا نتحدث عن فترة يكون الترحال
فيها شاقا ومتقطعا وبحسب المصلحة والظروف وقد لاتضمن أثناء هذا الترحال عدم انضمام مجموعات
أخرى للقافلة الرئيسية ولاتضمن في ذات الوقت عدم انفصال مجموعات اخرى عن القافلة الرئيسية

إذن فالقول المنطقي هنا هو :

ان من نزل من منطقة الجوف ليس بالضرورة ان يكونوا في فترة زمنية واحدة ولا بدفعة واحدة
بل على فترات متقطعة ودفعات مختلفة تصل كل دفعة وتتجه لمنطقة معينة في نجران وتسكنها
وفي ذات الوقت لم يكن النزول فقط من منطقة الجوف بل وأيضا من المناطق الأخرى لمنطقة نجران
والعكس صحيح ففي ذات الوقت يكون هناك هجرات من نجران لخارجها كما حدث لقبيلة نهد
التي هي أساسا تعود لقبيلة بالحارث بن كعب وكذلك لقبيلة آل مره التي اتجهت شمالا
وكذلك قبائل العجمان
فعملية الهجرة كانت من وإلى نجران مستمرة ومتداخلة وقد يلحق ركب من غير قبيلة العجمان مثلا
بقبيلة العجمان وينضم معهم أثناء ترحالهم ويصبح مع الزمن منهم بينما هو في الأساس لايعود في نسبه الحقيقي لهم ( هذا كان مضرب مثلا فقط )

وبناءا على ذلك فنحن امام نقطتين الأولى وهي المجموعة التي نزلت لنجران ودخلت في حلف مع آل الهندي
( ولاحظ هنا أن آل الهندي هنا قد بدأوا بالتشكل واشتهر الإسم كحلف وهذا الحلف بدوره أصبح في نظر البعض
الآن جدا )

والنقطة الثانية هي الفترة الزمنية التي نزلوا فيها ومن ثم يتم الربط بين الفترة الزمنية وتحليلها
وبين المجموعات الوافدة من الشمال والجنوب لنجران .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طبعا انتهينا في كلامنا السابق عند نقطة الفترة الزمنية التي بدأت فيه المجموعات تتوافد
على نجران وهو التوافد ( في نظري ماقبل الأخير ) الذي معه بدأت تستقر المسميات الحالية
لقبائل نجران والتي نشهدها في وقتنا الحاضر

حسنا عند هذا التوافد هل كان في داخل نجران من يحملون إسم مصعب كعشيرة أو لنقل
قبيلة ترجع في اصولها لقبيلة جشم ؟

نحن الآن نتحدث عن فترة اوشكت على انتهاء الألفية الأولى من الهجرة النبوية المباركة
والوفود توافدت والتشكليات بدأت تستقر شيئا فشيئا والبطون بدات تظهر من تحتها الفخوذ
ومن الفخوذ بدأت تتكون العشائر .. ان الزمن يمشي بهدوء .. برويّة .. يسحب مداده
من تحت أرجل القوم ليشكل مانراه اليوم حاضرا

وقتها لم يكن هناك اسم لعشيرة تحمل اسم مصعب نهائيا
والكلام هذا ليس كلامي ولا بكلام المتحدثون من أبناء قبيلة يام ( كي لايقول البعض ان كتابات أبناء يام اليوم غير دقيقة أو أن فيها شيء من حجب الحقيقة ) لأن الكلام هنا كلام لنسابة كتبوا مؤلفاتهم قبل ظهور هذا الخلاف اليوم في صحة نسب قبيلة المصعبين

فمصعب ليس موجودا لا جدا ولا حلفا ً في قبيلة يام في ماهو قبل الألفية الأولى من تاريخ الهجرة

إذن فمن أين جاء مصعب لنجران طالما أننا على ثقة ويقين من تلك الروايات التي قرنت إسم المصعبين بمنطقة نجران ؟

لاشك أننا نحتاج أن نعود قليلا لتلك السطور التي كتبت بالأعلى وتحدثت عن توافد المجموعات لمنطقة نجران
من شمالها وجنوبها لنجد أنها هي من حملت سر تلك الإجابة وجاءت بها إلى نجران

وبالعودة إلى ماكتب عن قبيلة قحطان وسيرتها نجد أن نزول قبيلة العنابس إلى نجران جاء متأخرا بفترة زمنية
عن نزول قبيلة يام لمنطقة نجران وكذلك نزول غير قبيلة يام من جنوب نجران إلى نجران

ومن جاء إلى نجران من قبيلة يام أو من جنوب نجران وقتها جاءوا وتوافدوا في الفترة مابين اواسط القرن
السابع الهجري وبداية النصف الأول لقرن التاسع الهجري

وبعد أن استقر بهم الحال هناك جاء من بعدهم توافد قبائل الشمال من نجران واخص هنا قبيلة العنابس
وهم فخذ المصعبين من العنابس

وهنا وجب ان أشدد على ان ماقبل بداية الألفية الأولى للهجرة لم يكن هناك ذكر لإسم مصعب
كجد أو حلف لإي ٍ من قبائل نجران ومن يجد ذلك في أي من كتب السيرة والأنساب فعليه تبيان ذلك
هنا في هذا الموقع .

إن نزول إسم مصعب لمنطقة نجران ماجاء الا بعد الالفية الأولى وقد كان ذاك حين نزول المصعبين من العنابس
لنجران وقد نزلوا في تلك الفترة وانضموا لحلف آل الهندي ( تذكر اخي القاريء أن آل الهندي حلف )
وبالمناسبة :

كان ومازال من السهولة الإنضمام للحلف والإعتراف بالشخص المنضم إليه لأنه حلف ولن تكون الغيرة عليه أشد أو تضاهي الغيرة على النسب الحقيقي والجد الحقيقي

ومن الطبيعي أنه عندما جاء المصعبين العنابس وانضموا الى حلف آل الهندي فهم انضموا إليه كحلف
حاملين اسمهم هم ( المصعبين ) ولم يتسموا بإسم قبيلة موجودة بل احتفظوا بإسمهم الأصلي
منضمين إلى حلف آل الهندي الذي يجمع قبائل شتى

أتوقف عند هذه الفقرة التي يجب التركيز عندها جيدا ويجب التركيز جيدا عند النقاط الرئيسية فيها
وهي :

ان اسم مصعب لم يكن متواجدا في منطقة نجران لاجدا ولا حلفا في ماهو قبل الألفية الأولى من الهجرة
وأجزم ان لن يجد أحدا ذلك في أي من كتب الأنساب التي تحدثت عن الأنساب حتى حدود الألفية الأولى من الهجرة اما مابعد ذلك فلست متأكدا وحتى وإن وجد فهو ليس بقرينة او دليلا يعارض هذا البحث

أن نزول قبيلة المصعبين العنابس جاء بحدود منتصف الألفية الأولى من الهجرة مما يعني أنهم جاءوا متأخرين
عن من توافدوا من جنوب نجران سواء من يام أو من غيرهم

أن المصعبين العنابس انضموا الى حلف ال الهندي واحتفظوا بإسمهم كما هو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والآن أيها المتابعون الأكارم نأتي إلى ذكر النقاط الأساسية التي تم الإستناد إليها
في قولي ان العنابس جاءوا متأخرون إلى نجران وانضموا إلى حلف آل الهندي

وهي نقاط جوهرية وفاصلة بالموضوع فأرجو التركيز عليها جيدا

وسأذكرها بطريقة السرد وليس على شكل نقاط لأانها تعتبر مكملة لبعضها البعض

وعلى بركة الله :

سبق وذكرنا أن نزول الكثير من قبائل يام من الجوف كان لعدة أسباب
ولعل من اهم الاسباب هو السبب المذهبي
حيث من المعروف أن قبيلة يام الكريمة تدين بالمذهب الإسماعيلي
وبالمناسبة ( الكثير يدعون ان قبيلة المكارمة هي من أحضرت المذهب الإسماعيلي
إلى نجران وذلك خطأ كبير ومغالطة يرتكبها الكثير فقط من أجل الخلاف
والحقيقة ان المذهب الإسماعيلي كانت تدين به الكثير من قبائل يام وغيرها من القبائل التي كانت تسكن
جهات الجوف وعمران وصعدة وحراز وعراص كل تلك المناطق الكثير منها كانت تدين بالمذهب
الإسماعيلي ومازال الكثير يدين به في تلك المناطق وكانت تلك القبائل في الأساس هي الداعم الرئيس
لقيام بعض الممالك التي كانت تدين بالمذهب الإسماعيلي انطلاقا من صنعاء ولعل الكثير يجهل
أن الملكة أروى التي اشتهر اسمها كانت تدين بالمذهب الإسماعيلي
ولعل السبب الرئيس في هجرة ونزوح قبائل يام من تلك المناطق هو نتيجة الحروب والهجمات
التي تعرضت لها تلك المناطق من قبل أئمة الزيدية الذين يختلفون مع المذهب الإسماعيلي والمراجع لسيرة أئمة الزيدية في اليمن سيكتشف الكثير من الأمور التي قادها الحراك السياسي فأثرت في التكوين الإجتماعي والجغرافي والذي بدوره أثر على التكوين القبائلي والهجرات )

إذن فقبيلة يام نزلت إلى نجران وأحضرت معها المذهب الإسماعيلي وكانت راعية له ومحامية عنه ومازالت
وبعد نزولها بسطت نفوذها السياسي والقبلي والمذهبي وبذلك ونتيجة التعايش والإندماج والتحالفات القبلية
التي نشأت فقد أدى ذلك إلى دخول الكثير من مَن ماكان في نجران إلى المذهب الإسماعيلي
طبعا ذلك لانقول أنه حدث بين ليلة وضحاها فالتغيرات الديموغرافية والعقائدية تحتاج للكثير من الوقت

وخلاصة القول أعلاه ان نجران في تلك الحقبة بدأت تتشكل عقائديا ومذهبيا بفكر جديد
ساعد في قيامه ورسوخه القوة والشجاعة التي عرفت بها قبائل يام
ولكن هذا لايعني أننا نستطيع ان نقول ان جميع من كان بنجران قد أدانوا بذلك المذهب
فبعض العشائر لم تدن به برغم بقائها في تلك الأحلاف وتعايشها معها
وهذا ماسمح للوافدون الجدد بالإنضمام لتلك الأحلاف برغم اختلاف مذهبهم
فطبيعة الحلف العربي القبائلي كانت تستند إلى القبَليّة وليس المذهبية

وطبعا عند نزول قبيلة المصعبين العنابس وانضمامها لحلف آل الهندي لم يكن هناك من إشكال في ذلك الإنضمام
فمازالت كل قبيلة تطمح لزيادة عددها وجيشها احتياطا لأي إعتداء أو هجوم من أي حلف آخر
حتى برغم المذهب الواحد فيجب أن لاننسى أن ظروف الحياة تدفع الناس في ذلك الوقت للصراع السياسي
وبسط النفوذ القبلي بنهاية الحال قبل أن تكون النظرة والتوجه عقائدي او بسط نفوذ عقائدي

حسنا اترككم عند هذه النقطة التي تجيب على كثير من التساؤلات التي نسمعها
حول كيف يكون المصعبين من يام (حلفا ) وهم بمذهب مختلف ؟ وفي نفس الوقت
يبقى البحث منطقيا من ناحية الإستدلال وتقصي الحقيقة والرد على من يقول أن قبيلة المصعبين هي من يام نسبا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توقفنا في حديثنا السابق عند نقطة ذكر سبب نزول قبيلة يام إلى نجران ولايجب على المتابع لبحثي هذا أن يعتقد أنني أعني فقط بأن من نزل من مناطق الجوف وماجاروها أنهم فقط قبيلة يام أو كل قبيلة يام لا وإنما أنا أكتفي بذكر قبيلة يام لأنها الأشهر والأكثر فقط . وإلا فهناك غيرهم .. ولكن لانريد لبحثنا هذا أن يتشعب كثير علاوة على ماهو متشعب أصلا

حسنا قلنا أن قبيلة المصعبين العنابس جاءوا إلى نجران وقد استقر المذهب الإسماعيلي بها بعد ان أحضره معم قبيلة يام
وكان المتولي لشؤون الدعوة الإسماعيلية في منطقة نجران ( الفقيه علي بن حنضل اليامي ) وذلك بحدود الألفية الأولى للهجرة ثم راسله ( الداعي محمد بن الفهد المكرمي) لنقل الدعوة الإسماعيلية من اليمن إلى نجران

ملاحظة : ذكري وتطرقي لبعض الأمور المذهبية هنا لايعني خروجي من نطاق البحث بل هي من روافد الإستدلال المنطقي التي يجب أن يتطرق لها أي باحث

حسنا: وجاء المصعبين العنابس وانضموا لحلف آل الهندي .. وليس بالضرورة أن يكون الجميع من العنابس قد انضموا إلى آل الهندي بل ربما وهم في طرق هجرتهم وتنقلهم تخلف البعض منهم وانضم لآخرون فنحن هنا نتحدث عن فترة لاتضبطها أي ضوابط سياسية أو جغرافية
وعند انضمام المصعبين العنابس لحلف آل الهندي وقتها كانت الزعامات متعددة في ذلك الحلف وتكاد تنحصر
في بيوت آل منيف وآل زامل وسوف نحاول ان نعود لذكر هذه النقطة بالتفصيل ولكن في سياق بحثنا القادم

حسنا : وبما أن المصعبين العنابس قوم قد تعودوا الحروب واعتادوا عليها كما ذكرنا من قبل في حروبهم مع بني عمومتهم
فهم لازالوا يتمتعوا بنفس الهيبة والشجاعة التي تجعل منهم يحتلون مركزا مرموقا أينما حلوا وأين ماذهبوا

ولعل اختيارهم للمنطقة التي سكنوها جاء لعدة أسباب نذكر مايدلنا عليها المنطق

المنطقة التي سكنوه بمنطقة نجران هي منطقة تمتد وتقع بحدود منطقة الخضراء اتجاها للشمال الغربي تقاطعا مع منطقة الشمال من غابة سقام الحالية

وهي منطقة لو لاحظنا ودققنا النظر بها نجد أنها منطقة واسعة ومكشوفة من جهات عدة وأجزاء كثيرة منها تعتبر صحراوية
كل مااتجهنا للشمال الشرقي وهذه منطقة تعتبر بصفاتها تلك خطرة على من يسكنها إذ لايتمتع الساكن بها بأي حماية جغرافية تساعده في الحفاظ عليها
وبذلك فتلك المنطقة لايسكنها إلا من تتوفر بهم الشجاعة والجرأة والقدرة على حمايتها

وأيضا أنها منطقة لم يضع احد يده عليها قبل ذلك من حلف آل الهندي وهذا دليل على ان المصعبين العنابس
هم أول من سكنها فلو كان فيها احد قبلهم لعارضهم عليها

وأيضا أنها منطقة على الرغم من أن اجزاء كثيرة منها صحراوية إلا أن بها أجزاء كل مااتجهنا للجنوب الغربي منها
تتمتع بوجود الأودية والخضرة فيها أما جهاتها الجنوبية فجبلية

والمصعبين العنابس هم وحدهم من قد تعود على تلك المناطق لو لاحظنا سيرة هجرتهم من مناطقهم الأولى ووادي الغيض ووادي تباله ومرورا ببدر الجنوب .. فهم بذلك قد اعتادوا على المناطق كيف ماكانت . سهل .. جبل .. وادي .. صحراء

وأيضا ان المنطقة نفسها امتدادها واسع جدا ولايمكن ان يبسط نفوذه عليه مجموعة قليلة من الناس فقط
بل أن ذلك يتطلب قبيلة كبيرة نوعا ما مع عامل الشجاعة

وذلك ماكانت تتمتع به تلك القبيلة

ونكمل بعون الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ونكمل من حيث إنتهينا

حقيقة أنني وأثناء بحثي ومراجعتي للكثير من الكتب خصوصا تلك التي كتبت في وقت متاخر أي منذ عشر او عشرين سنة
وجدت الكثير من الخلط والتناقض في مابينها البين حول التأريخ الزمني لبعض الاحداث ولم اجد فيها توافقا منطقيا مع الواقع
وتسلسل أحداث التاريخ وأتعجب أشد العجب من ذلك .!
عموما سبق وأن ذكرت ان هذا البحث يعتمد على التسلسل المنطقي للأحداث تأريخا ووقوعا وذلك بالنظر إلى تبعات كل الأحداث
من ناحية إجتماعية او جغرافية إذ لايعقل أن نقول كما كتب احد الكتاب أن قبيلة بالحارث بن كعب أنتهت على يد جيش الإمام الهادي
بحدود القرن الخامس الهجري وكان من ضمن جيش الإمام الهادي قبائل يام ؟
فأي منطق هذا سواء من ناحية التأريخ أو من ناحية المعلومة ؟؟؟؟

كانت تلك مجرد إشارة استدراكية أنبه عليها خصوصا حول التأريخ الذي أحدده في هذا البحث كي لايأتي احد ويقول أنت قلت ان ذلك حدث في سنة كذا بينما بعض الكتب تقول أنه حدث في سنة كذا ..

حسنا قلنا أن قبيلة المصعبين استقر بها الحال في تلك المنطقة وذكرنا الأسباب التي ادت بهم لإختيار تلك المنطقة
وقد استقرت الأمور كما قلنا في نجران وأصبحت نجران تحت لواء التجمع القبائلي اليامي الذي كان يتفرع لثلاثة فروع رئيسية
وهي قبائل جشم وقبائل مواجد وقبائل آل فاطمة
وجميعها أحلاف ولن يستطيع أحد ان يقول بقول غير ذلك وكل فرع كان ينقسم إلى أجذام
ومايهمنا هنا هو فرع جشم

والذي ينقسم لقسمين رئيسيين وهما بنو ذهل وبنوسلمان
بنو ذهل هو حلف آل الهندي وحلف آل عامر

والملاحظ أن حلف الهندي كان يبسط أغلب نفوذه على مناطق جنوب وجنوب غربي نجران
بينما حلف آل عامر كان يبسط نفوذه على أغلب مناطق غرب وشمال غربي نجران

حسنا استقر الحال بالمصعبين العنابس وأن انضموا لحلف آل الهندي كما ذكرنا وجرت الحياة كما هي عادتها في إطار
التوتر والتصالح والتباعد والتقارب بين القبائل تبعا لما تقتضيه المصلحة
وقولنا ان الوضع قد استقر من الناحية الإسمية لايعني أنه قد استقر من الناحية الجغرافية فمازالت الرغبات الفردية والجماعية في التوسع
موجودة لدى كل الأطراف وهذا هو ماكان يحدث بين الفرعين الكبيرين وهما آل الهندي وآل عامر والحقيقة أن ليس كل آل عامر من نافسوا فرع ال الهندي بل هي قبيلة واحدة فقط
وهي قبيلة الصقور التي ترجع لفرع آل عامر
والجدير بالذكر ان تعداد قبيلة الصقور في وقتها كان أكبر بكثير من كثير من القبائل والتجمعات في حينها

وكانت تلك القبيلة من أقوى وأشرس القبائل الموجودة في المنطقة وتميزت بوجود عدة فرسان مشهورين
وكان التغلب على تلك القبيلة لوحدها من الامور المستحيلة

فماذا حدث بين قبيلة الصقور وبين حلف آل الهندي ياترى ؟؟؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توقفنا عند الحديث حول ماحدث بين قبيلة الصقور وآل الهندي

وقد ذكرنا أن قبيلة الصقور كانت من اقوى القبائل واكثرها شكيمة بحكم ترابطها بينها البين
فكان التغلب على تلك القبيلة من الأمور الصعبه إن لم تكن المستحيلة

وكعادة القبائل العربية في أغلب حروبها تقوم على أساس التوسع والنفوذ وهذا هو ماحدث بين قبيلة الصقور وآل الهندي
وبرغم ان حلف آل الهندي كان في العدد اكثر من قبيلة الصقور ولكن قبيلة الصقور كانت تمتلك الخبرة وتمتلك
الخيل ( كانت مرابط الخيل أول ماظهرت في نجران ظهرت لدى قبيلة الصقور قبل غيرهم بسنين )

بالنسبة للسبب الحقيقي الذي أدى لإشتعال الحرب بين الطرفين فلم اجد مصدرا ثابتا يشير إلى ذلك ولكن في تقديري أنه لن يتعدى
مسألة النفوذ والتوسع

ودارت رحى الحرب بين الطرفين وليس هناك تاريخ محدد لهذه الحرب في جميع المصادر ولكن تقديريا ومنطقيا وبتتبع تسلسل الأحداث
اجد ان تلك الحرب تقع مابين 1150 هـ - 1250 هـ
وذلك لعدة اسباب منها مااشرت له في بحثي السابق ومنها ماسياتي عليه الكلام لاحقا

ووقعت الحرب واستمرت لفترة ليست بالقصيرة كما يظن البعض ومايدعوني لقول لذلك هو نتائج الحرب نفسها
فليس من المعقول ان تقع حرب في تلك الفترة الزمنية بين يوم وليلة وتكون نتائجها رحيل جماعي سريع

ولعل من اهم أسباب انتصار قبيلة الصقور في تلك الحرب هو العدد الكثير الذي تحمله بين أفرادها من الفرسان المشهورين
والذين كان صيتهم ليس على مستوى المنطقة فحسب بل ويتعداها

كانت نتيجة تلك الحرب هي جلاء شبه كامل ل الهندي وتفرقهم وتشتتهم جماعات جماعات فمنهم من ارتحل حينها لبلاد وائله
ومنهم من توغل داخل اليمن نفسها
وهذا لايمنع بقاء مجموعات منهم في نجران او ارتحال مجموعة منهم شمالا من نجران فكما ذكرت أننا نتحدث عن فترة
لاتقيدها أي قيود سياسية او جغرافية
ولكن من مالاشك فيه ان الجزء الأكبر منهم والذي كانت القيادة فيه قد ارتحل لليمن.

ونأتي هنا لذكر المنطقة التي ارتحلوا إليها في اليمن وذكر أسباب اختيارها دون غيرها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توقفنا في حديثنا السابق عند نقطة هزيمة آل الهندي على يد قبيلة الصقور ونتائج تلك الهزيمة ومن اهم نتائجها إرتحال عدد كبير منهم وتفرّقهم

وذكرنا أن الجزء الأهم والذي كانت فيه القيادة قد ارتحل لليمن ..

ولكن إلى أين باليمن ؟ علما ان تلك الفترة كانت نجران ليست ببعيدة ولابخارجه كليا عن نطاق اليمن كحدود جغرافية ( طبيعية ) أما كحدود سياسية فلم تنفصل نجران عن اليمن بشكل رسمي إلا بعد اتفاقية الطائف ! !
علما انه وحتى وقتنا الحاضر الذي تتم فيه كتابة هذا البحث ماتزال نجران هي اكثر مناطق الجنوب السعودي تداخلا مع اليمن
خصوصا مع المناطق المحادة لمنطقة نجران من اليمن وهذا التداخل قبلي وأسري وصهارية ومذهبية
ومرجعية قبلية ونسبا .

عموما مايهمنا هو تلك المرحلة والذي حدث فيها

قلنا ان القيادة في حلف آل الهندي ومن معها قد فضلوا التوغل كثيرا في أرض اليمن
وبما أن من ضمن هذا العدد قبيلة المصعبين العنابس فقد اختاروا منطقة بيحان كمنطقة يتجهوا إليها لعدة اسباب

السبب الأول : انها منطقة بعيدة عن احتمال وصول قبيلة الصقور اليها
السبب الثاني : انها شبيهة جغرافيا بالمناطق التي عاشوا فيها وتعودوا على طبيعتها
السبب الثالث : انهم قد سمعوا وعلموا ان من يسكنها قبائل عدة ومن اهمها قبيلة يقال لها المصعبين

طبعا عزيزي المتابع انت بلاشك متابع لهذا البحث منذ بدايته وتعلم اننا في بدايته قد ذكرنا ان قبيلة المصعبين التي نزلت بيحان وسكنته هي تعود اصلا لقبيلة قيفة وان نزولهم ذلك كان في الفترة مابين اواسط القرن السابع الهجري إمتددا إلى أواسط القرن التاسع الهجري ومن الطبيعي انهم وخلال قرنين من الزمان أي حتى أواسط القرن الأول بعد الألف الأولى من الهجرة وهي ( الفترة التي وقعت فيها حرب الصقور مع آل الهندي ) من الطبيعي أنهم خلال تلك القرنين قد انتشروا وتزايدوا وتكاثروا في منطقة بيحان
وأقصد بالكلام هنا قبيلة المصعبين من قيفة .

حسنا هنا نقف عند مفرق طرق هام جدا يجب أن تتذكره اخي المتابع جيدا فهو مفرق هام جدا في هذا البحث ويجب عليك ان تضع في ذاكرتك جيدا هذه النقاط الهامة :

* أن نزول قبيلة المصعبين من قيفة إلى بيحان كان بحدود القرن السابع إمتدادا إلى اواسط القرن التاسع الهجري
*أن نزول آل الهندي بمافيهم قبيلة المصعبين العنابس إلى منطقة بيحان جاء بعد حربهم مع الصقور وذلك بحدود أواسط القرن الأول بعد الألفية الأولى من الهجرة ( وضع في الحسبان مايترتب على ذلك )
*أن الجزء الأكبر والهام والذي تقع فيه القيادة لآ ال الهندي هم من نزل إلى منطقة بيحان وذكرنا سبب اختيارهم لها

طبعا نحن نتحدث عن مجاميع كبيرة نزلت وعن فترة لاتحدها أي حدود سياسية ولكن ربما نستطيع القول ان الحدود الجغرافية بدأت تتضح في منطقة بيحان بشكل كبير جدا

ولكن يجب أن تضع في حسبانك أخي المتابع ان تلك الحدود مشتركة ومتداخلة مع غيرها وليس هناك ترسيم محدد نستطيع ان نقول معه ان هذه هي حدود بيحان بالسنتيمتر !!

وبناءا على ذلك مع اتساع المساحة واتساع الاعداد الوافدة فمن الطبيعي ان يكونوا قد انتشروا في تلك المنطقة واختار كل ٍ منهم مايناسبه من تلك المنطقة سواء سهلا ً أم جبلا ً أم واديا ً ام صحراء .

طبعا انا هنا لن أحدد في هذا البحث قيادة آل الهندي الذين نزلوا لمنطقة بيحان لأن ذلك سوف يخرج بهذا البحث عن مساره
وقد لايعجب الكثير ولكن نكتفي بذكر مسمى القيادة كمسمى عام .!

والسؤال هنا هل تلك القيادة تفرض سيطرتها على كل من تبعها أم لا؟

طبعا لانتسطيع القول بذلك أبدا فكما نعرف من أحداث التاريخ أن هناك بعض البيوت الموجودة في صعدة والجوف والموجودة وحتى يومنا هذا هي أصلا سكنت صعده والجوف بعد حرب الصقور وآل الهندي وهذا دليل انهم لم يواصلوا السير مع بقية آل الهندي
استمرارا لمنطقة بيحان بل فضلوا البقاء بالجوف وصعدة وهذا دليل على ان القيادة لم تكن تتحكم كليا في أتباعها وبناءا على ذلك
نستطيع القول أنهم وعند نزولهم منطقة بيحان لم تكن لهم السيطرة الكاملة على اتباعهم من ما أدى إلى انتشار اتباعهم هنا وهناك وهذه ال هنا وهناك يبنى عليها الكثير من الانعطافات الأخرى التاريخية فيما يتعلق بالمناطق الجغرافية في مابعد ذلك

ولكن من مالاشك فيه ان تلك القيادة بقيت متماسكة في مابينها معترفا لها بالقيادة من قبل اتباعها ومن قبل مستضيفيها وهم المصعبين في بيحان

وكعادة القبائل العربية ترحب ببعضها البعض وتكرم ضيوفها خصوصا في مثل تلك الحالات .

وهذا ماحدث بالضبط في ذلك الوقت بين قبيلة المصعبين من قيفة وبين مجاميع آل الهندي بمافيهم قبيلة المصعبين العنابس
فتكونت بينهم أحلاف لايستطيع احد أن يعترض عليها لأن هذه هي عادة القبائل العربية
ولاشك أن هناك أشياء لعبت دورها في ذلك التحالف لتجعل منه متينا
فمنها :

* طبيعة الأرض المتشابهة بين الطرفين
* وجود الأسماء المشتركة والتي تلعب دورا هاما في الخلط بين الأنساب كما هي العادة
* تشابه العادات والأعراف
* الفترة الزمنية ذاتها التي تجبر الناس بتكوين الاحلاف

ولعل قبيلة المصعبين من قيفة اختارت هذا الوفد القادم ورحبت به ليس فقط لعادة القبائل العربية بل وأيضا ليزداد عدد جيشها وأفرادها من مايعكس هيبتها وقوتها اكثر ويمنحها ثبوتا أكثر بين القبائل الأخرى المتواجدة بالمنطقة

وكذلك الحال لتلك الوفود فقد اختارت هي الأخرى تكوين ذلك الحلف لأسباب تعود عليها بالفائدة خصوصا وان قبيلة المصعبين من قيفة قد ثبتت مكانها هناك فاصبح الإنضمام لهذه القبيلة أمرا يعطي الكثير من الأمان والقوة .

ونكمل الحديث ان شاء الله ...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توقفنا في حديثنا السابق عند نزول مجاميع كثيره من حلف آل الهندي إلى منطقة بيحان وذكرنا سبب اختيارهم لتلك المنطقة دون سواها

وهنا دعوني أقف قليلا وأرد على من حاولوا الكتابه عن هذا الموضوع في هذه النقطة بالتحديد :

ذكر كثير من الكتاب غير المنصفين ( أو دعوني أسميهم من لايعترفوا بأمانة البحث التاريخي المنصف النزيه ) أقول ذكروا أن حلف ال الهندي
انما اختار تلك المنطقة وأعني بها منطقة بيحان .. أنه إنما اختارها لعلمه أن رجالها يتبعون المادة فذهبوا آل الهندي للإستعانة برجال منطقة بيحان
ضد الصقور في منطقة نجران .. وهمزوا ولمزوا كثيرا بالكلام( إيحاءا منهم بأن رجال بيحان تشتريهم المادة ) ...

وهنا دعوني أقف معهم وقفة محايدة منصفة منطقية ( إن كانوا منطقيين وفيهم بقية باقية من الإنصاف وعدم التبعية )

لو فرضنا أن رجال آل الهندي ذهبوا لتلك المنطقة ( بيحان ) لشراء رجالها بالمال والإستعانة بهم لغزو نجران من جديد
هل من المعقول ان يتطلب ذلك الحشد واستمالة الرجال لهم أكثر من أربعين سنة !!

لعل الكتاب الأعزاء نسوا أن فترة بقاء تلك المجاميع في منطقة بيحان استمرت لأكثر من اربعين سنة مابين خروجهم من نجران
والعودة لها في حربهم الثانية التي سنأتي على ذكرها .

ولو فرضنا أن الموضوع موضوع شراء رجال والإستعانة بهم ضد قبيلة الصقور .. هل يتطلب الأمر أن تقطع تلك المجاميع كل تلك المسافة التي نعرفها
مابين نجران وبيحان ؟
كان الأمر سيسهل عليهم كثيرا أن يستعينوا بالرجال من المناطق القريبة ؟

أتمنى أن تجد تلك السطور أعلاه قراءة منصفه من متابعي هذا البحث من جميع الأطراف ليعلموا أن التبرير الذي لايحتمله العقل .. ينسفه العقل ذات يوم

وبالنظر للحقبة الزمنية التي حدثت فيها تلك الواقعة .. اقتصاديا كانت منطقة بيحان أفضل بكثير من منطقة نجران فهل كان رجالها في حاجة لقطع تلك المسافه كلها
إلى نجران من أجل المال !! أم أن هناك ماهو أكبر من المال وأبقى وتفرضه الشيم العربية والعادات القبلية

ونكمل ياجماعة الخير موضوعنا وعذرا إن خرجت بكم قليلا ولكن كان لابد من العروج على بعض النقاط التي ذكرها الغير وحاولوا لغرض في نفس يعقوب
تحويرها عن حقيقتها .

قلنا أن مكوث تلك المجاميع دام في منطقة بيحان لأكثر من اربعين سنة

مادليلنا على ذلك !!!!

وماذا برأيكم لأربعين سنة أن تحدث من تداخل واندماج !!!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توقفنا في حديثنا السابق عند القول : بان مدة بقاء مجموعات حلف آل الهندي استمرت كما يقال أربعين سنة

مالذي يجعلنا نقول ذلك ؟
برغم وجود الروايات حول ذلك ولكن ليست هناك رواية نستطيع ان نقول انها موثوقة ومتواترة حول ذلك
ولكن ماعجز عنه النقل لن يعجز عنه العقل
بالنظر للمسافة التي قطعوها وبالنظر للحرب التي خاضوها وبالنظر للخوف وعدم الأمن في ذلك الوقت
فكل تلك الأمور لن تكفيها سنة غياب ومن ثم العودة ولاحتى عشر سنوات فالأمر يحتاج لعدة أشياء كي يقوم حلف آل الهندي بالكرة مرة أخرى

وهي الرجال المتحالفون معهم وكذلك نشوء جيل جديد لم يذق طعم الهزيمة ولم تكسر الهزيمة نفسياته أم الجيل الذي خاض نفس الحرب
فبرغم احتقان دماءه والغضب الكامن فيه إلا أن الخوف من تكرار الهزيمة مايزال موجودا بداخله لذلك فهو يحتاج لدماء جديده من نسله هو

هناك قصة متداوله لاأجزم بصحتها ولكن لاأنفيها في ذات الوقت وهي قصة الولد الذي أباه من آل الهندي وأخواله من الصقور
حيث أنه بعد الحرب انتقل طفلا مع أمه وتربى بين أخواله وعندما كبر عرف بقصة أهله مع أخواله فذهب للبحث عنهم إلى ان وصل منطقة بيحان
حيث استثار القوم وحمسهم وشجعهم على غزو الصقور
ولكن هذه القصة لست مقتنعا بها بسبب ان مجموعات كبيرة جدا لايمكن ان تعاود الغزو لمجرد استثارة فرد لهم مالم تكن هذه المجاميع هي نفسها من تريد ذلك

عموما قبل أن ننتقل لنقطة الغزو والتحضير له والبدء فيه دعونا نرى ونتوقع ماقد يمكن ان تكون نتائج بقاء مجموعات كبيرة لمدة أربعين سنة في منطقة بعيدة عن وطنهم
وفي ضيافة قبيلة أخرى .

اربعون سنة ليست مده بالقليلة فهي مدة قد تشهد تواجد ثلاثة أجيال في منطقة واحده على افتراض أن جيل الأجداد حضر منها العشر سنوات الأولى ثم بدا جيل الأبناء يشاركه في الخمسة وعشرون سنة الوسطى منها وفي الخمس سنوات الأخيرة منها نما جيل الأحفاد ليشارك من تبقى من جيل الأجداد ومن جيل الآباء

إذن فهنا فكر مشترك وثقافة مشتركة بين هذه المجموعة وبلاشك أنهم سيتشاركون ذلك الفكر وتلك الثقافة مع المجموعات المحيطة بهم

هل يقف الأمر عند تبادل الثقافة والفكر ؟
بالطبع لا بل قد يتعدى ذلك .. وأعني بذلك المذهب
فنحن نعرف ان مجموعات حلف آل الهندي نزلت وهي في أغلبها تدين بالمذهب الإسماعيلي ماعدى مجموعة قبيلة المصعبين العنابس التي قد يكون الغالبية منهم
مايزالون يدينون بالمذهب السني
فهل هذه المجموعات أثّرت على القبيلة المستضيفة ؟ هل القبيلة المستضيفة أثّرت فيهم ؟
هذا سؤال هام جدا جدا في هذا البحث هو والسؤال التالي :
إن كانت مدة اربعون سنة احدثت تبادل في الفكر والثقافة .. فهل سيحدث معها اختلاط دماء !!

هذا ماسنكمل به حديثنا في القريب إن شاء الله تعالى

ونكمل حديثنا الطويل هذا والخاص بالبحث في نسب قبيلة المصعبين والذي قد يظن البعض انه من السهولة بمكان التصدي لمثل هكذا بحوث
خصوصا إذا ماعلمنا ان كل عمل بشري لابد فيه من الخطا أو النقص أو التحيز والتأثر بوجهة نظر معينة فقط أو أو .... ألخ
ولكن وفي هذا البحث الله وحده يعلم ان التجرد حاصل فيه منذ بدايته تجرد من كل شيء واتباع المنطق فقط

ونكمل ..

قلنا ان فترة أربعون سنة فترة كفيلة بإحداث الكثير من التغيرات سواء فكرية أو ثقافية أو اجتماعية او عقائدية أو عرقية
ونحن هنا لانستطيع أن نحدد شيئا بعينه فنحن لم نحضر ولم نشهد بأم أعيينا ماكان حادثا ولكن ينبغي لنا أن لانهمل هذه النقطة من تفكيرنا واستدلالنا حول هذا الموضوع ( ومالا يثبت بالمنقول .. تستدركه العقول )

حتى وقتنا الحاضر أي وقت كتابة هذا البحث لم نسمع بوجود مذهب اسماعيلي في منطقة بيحان وهي المنطقة المستضيفة للجموع النازحة من نجران حينها
ولم تتواتر لنا القصص المنقولة بإشارة حول ذلك وهذا يدل أن المنطقة المستضيفة لم تتأثر عقائديا بمذهب الجموع النازحة إليها .
ولكن بالمقابل هل أثرت تلك المنطقة في الجموع النازحة أو في بعض منها من الناحية العقائدية ؟

أعتقد ان ذلك حدث فعلا ومايساعد على ذلك هو وجود فئة من تلك الجموع أصلا تدين بالمذهب السني وهي فئة المصعبين العنابس
ولكن لااعتقد ان ذلك التأثير كان ذو نفوذ واسع في نفس الوقت وعموما ففي تلك الفترة وامتدادا إلى الآن مسألة الإختلاف المذهبي هذه
لاتؤثر كثيرا في العُرف القبلي والتعايش القبلي إلا في أطراف متشددة فقط !

أما من الناحية الثقافية والعادات واللسان

فوقتنا الحاضر لايشهد الكثير من تلك العادات المشتركة المحصورة بين الطرفين فقط وإنما هناك أيضا عادات عامة لهم ولغيرهم يشتركون فيها
كالأعراف القبلية , كالعادات الإجتماعية من مراسم احتفالات وأعراس ...الخ
وبالنسبة للمسميات والمفردات فهناك الكثير منها التي يتضح اشتراكهم فيها خصوصا مسميات الأشياء كمسميات المحاصيل الزراعية مثلا
كالدلالات الخغرافية مثل ( أسفل ..علوا ... حدرا ... قبلة ...جرف ,,, سوم ... جربة ... الخ )
أيضا مسميات اجتماعية خاصة بالعادات الاجتماعية مثل ( حريو , حريوه , بزي , نسيب , .. الخ )
وهناك مفردات بذاتها تكاد مشتركه ومحصورة وهي متنوعة وكثيرة مثل ( كشحه , طارش وطروش , دسمال , لاش وفسل.. جيد .. الخ ) والحقيقة ان المفردات كثيرة جدا ليس المجال هنا لحصرها وإنما وضعتها للإستدلال فقط .

أما من ناحية الإختلاط العرقي بعد نزوج هذه المجموعة إلى منطقة بيحان فليس هناك مايؤكده وليس هناك في الطرف المقابل ماقد ينفيه أيضا ولكن منطقيا دعوني أشير إلى هذه النقطة التالية :

أنه بعد حرب الصقور مع آل الهندي تم جلاء الكثير من آل الهندي بعوائلهم ولكن هناك البعض منهم أيضا
لم يأخذ معه عائلته إما لأنها من قبيلة الصقور وإما أصلا أن البعض منهم حينها لم يبلغ سن الزواج
وهذا شيء طبيعي بل ويجب ان نستحضره في الأذهان
وفي هذه الحاله هل تعتقدون ان من ذهب بدون عائلته سيصبر أربعين سنة عن الزواج ؟
وهل تعتقدون ان من نزح بعد تلك الحرب وهو في مقتبل العمر مثلا أي بعمر العشرين هل تعتقدون أنه
سيضل أربعون سنة بدون زواج ؟

قد يقول البعض مايدريك أيها الناصر فربما ان مجموعة آل الهندي اكتفت بحالها وبنسائها التي معها
ومن كبر منهم زوجوه من مجموعة نسائهم فقط

وهنا أقول ذلك جائز فعلا ولكن يبقى السؤال هو هل من المعقول أن النازحين كان الأغلبية منهم هم النساء ؟ طبعا لا وفي هذه الحالة هل ستكون كفتي الرجال والنساء متعادله لتفي بالغرض ( أي بالزواج الداخلي فقط )

وبذلك اخي القاريء أعتقد أننا حول هذه النقطه سنتفق أن احتمال التداخل العرقي بين النازحين والمستضيفين هو الأقرب للمنطق من عدم الاحتمال أصلا

ولكن في ذات الوقت لانستطيع ان نحدد شيئا معينا بذاته .

أضف إلى ذلك أمر هام آخر وهو :
ماحدث بعد الأربعون سنة هذه ورجوع النازحين لمنطقة نجران بمعية أعداد غفيرة من المستضيفين
يدل دلاله قطعية ان هناك تداخل عرقي قد حدث أجبر المستضيفين للذهاب مع النازحين وكأن لسان الحال يقول ( الدم واحد )

وللبحث بقية إن شاء الله

نعم ودائما ً للبحث بقية

لعل الكثير يتسائل حاليا ً ويقول طالما وأن البحث قد وصل لهذه النقطة فلماذا لاتحدد لنا أيها الباحث الكريم أين هي المناطق تحديدا التي سكنتها تلك الجموع النازحة إلى بيحان ؟

وهو سؤال من حق كل متابع أن يطرحه والحقيقة أنها نقطة لم تغب عن بالي أبدا ً منذ بداية طرح هذا البحث وقد تجاوزتها عمدا ً علما ً أن لدي من الدلائل والقرائن حول هذه النقطة الكثير ولكنني أحجمت عن الكتابة عنها لأنني لاأريد لهذا البحث أن يكون سببا ً لأشياء أخرى ويكفيني أن أقول حول هذه النقطة الكلام التالي :

* أن المصعبين بوضعهم الحالي هم قبيلة واحدة ومالم يتصل بينهم بالنسب فإن الحلف يقوم مقامه بكل ماتعنيه هذه الكلمة من واجبات وحقوق وتبعات

* أن لافخر بين المصعبين بينهم البين حول إلى من هذا الفخذ ينتسب وإلى من هذا الفخذ ينتسب فهم بوضعهم الحالي فخرهم بإسمهم الحالي أكبر من أي انتسابات قديمة ولن يكون الفخذ الذي ينتسب لقبيلة ( قيفة ) أقل شأنا مثلا من الفخذ الذي ينتسب ( لحلف آل الهندي ) والعكس كذلك المهم هو الناتج الأخير من هذه الجموع التي تجمعت لتشكل لنا بوتقة متناغمة بينها البين مضى على انصهارها في بعضها البعض أكثر من 150 سنة تقريبا

* أن التفرع في هذه النقطة لن يفيدنا بشيء نهائيا لذلك على الجميع أن يعي جيدا أن لافخر أكثر من فخرهم بحلفهم المصعبي القائم حاليا أما ماقبل ذلك فمضى
ولن يعود ليلقي بضلاله على حلف المصعبين وكأنه وصي عليهم أو كأنه أرفع درجة ... فالرفعة تكمن بين جنباتكم أنتم فدمتم بها بعون رب العالمين

كان هذا تعقيب بسيط وددت طرحه هنا قبل أن أعود لإكمال ماتبقى من حديث

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم أسألك التوفيق والسداد وحسن الإستنباط والإستشهاد وجلاء البصر والبصيرة دوما

توقفنا أيها الأحبة عند نقطة الإختلاط العرقي وهل حدث أم لا وحللنا ذلك منطقيا ً وتوصلنا إلى نتيجة أن إمكانية حدوثه هي الأقرب للمنطق والواقع والوقائع
وخصوصا في جانب ( المصعبين العنابس ) الذين هم جزء من حلف آل الهندي وذلك بسبب أن مذهبهم لم يختلف حينها ومازالوا على المذهب السني
الذي تدين به قبائل الطرف المستضيف وهم المصعبين
وقد استمرت تلك الجموع في العيش متوزعة على خارطة منطقة بيحان وماجاورها وحدث ماحدث من تداخل أشرنا إليه سابقا ً
ولكن :
هل ترى الثأر يهدأ !!
طبعا لا وقد قيل أن العربي يأخذ بثأره ولو بعد أربعين سنة وذلك ماحدث فعلا إذ أن كثير من القصص المروية التي تناقلتها لنا الأجيال سواء من المصعبين أو من غيرهم قد أشارت ان تلك الجموع قد استجمعت قوتها وكلمتها وتحركت للأخذ بثأرها

طبعا أنا لن أشير الى بعض القصص التي وردت حول بداية الرجوع وخصوصا أن أغلب مايروى هو أن ولدا يرجع لآ ل الهندي وأخواله هم الصقور
وقد تربى بينهم وحين كبر علم بقصة أهله وذهب للبحث عنهم وحثهم للأخذ بالثأر .. الكثير يروي تلك القصة ولا أعلم هل هو يستحضر المنطق
حين يرويها أم لا ؟

لايعقل أن جموع كبيره هاجرت مغبونة مدحورة ومهزومة لايعقل أن يأتي فتى واحد ليذكرهم بثأرهم ويجمعهم من جديد وكأنهم قد نسوا ثأرهم
وكأنهم قد تعافوا من جرحهم وكأنهم قد ارتضوا ببلد المستضيف بلدا لهم !
المنطق يقول أن رجوعهم كان برغبتهم هم وبتخطيطهم هم وبإجتماعهم هم ولكن نحن العرب تستهوينا قصص الاساطير والإضافات السحرية لها

عموما لايوجد تاريخ محدد لوقت رجوعهم ولكن المؤكد انه لم يتعدوا الأربعين سنة في مدة بقائهم وذلك لعدة أسباب

* ان اربعين سنة مدة مازالت تحتفظ بالجيل الذي حضر الحرب
* أن اربعين سنة كفيلة بظهور جيل جديد مايزال قريبا من الأحداث ومازال أسلافه يحثونه ويذكرونه بغريمه
* أن لو كانت المدة أكثر من أربعين سنه كما ذكر البعض أنها كانت 70 سنة وأكثر .. فتلك المدة كفيلة بإنتهاء الجيل الاول وكفيلة أن يكون الجيل الثاني
قد شاب وهرم وبدأ جيل ثالث لاتعنيه تلك الحرب ولا تهمه ويكون قد استوطن الأرض الجديده ورغبها حقا ولاحاجة له بمغادرتها إذن فالأربعين سنة
هي المدة الأقرب للصواب في ذلك

حسنا ياجماعة الخير
قلنا أن القوم قد استجمعوا قوتهم ووحدوا صفوفهم ولكن هل هذا يكفي ؟
بالطبع لا فهم مازالوا يشعرون في قرارة أنفسهم بمرارة الهزيمة وقوة شكيمة غريمهم ويعلمون أن غريمهم على حيطة وحذر منهم ويستعد لهم بأي وقت
وهم في حاجة للمساعدة من أطراف أخرى وليس هناك أفضل من الطرف المستضيف لعدة أسباب وهي :

* أن المستضيف قد تداخل معهم وتداخلوا معه طوال تلك المدة
* حدوث علاقات وروابط دم خلال تلك المدة وقد أشرنا لإكانية حدوثها والمنطق الذي دعانا لذلك

إذن دقت ساعة الصفر
وتأهب القوم
واستعد الجميع لحرب قادمة يقال عنها حرب دحضة

فكونوا هنا لمتابعتها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قلنا دقت ساعة الصفر وتأهب الجميع واستجمعوا قواهم ولملموا شتاتهم ووحدوا صفوفهم
ولكن ؟
لم تكن الصفوف بالكثرة المطلوبة وكانت الحاجة ماسة جدا للإستعانة بفزعة ومشاركة القبيلة المستضيفة لهم

الكثير قد يتسائل عند هذه النقطة ولما تقدم القبيلة المستضيفة لهم العون ؟
ولعل الاجابة على هذه النقطة موجودة في ماسبق من سطور في هذا البحث
وللتذكير بها اقول
لم يكن الداعي المال ولا الطمع ونحن لانعلم مافي النفوس ولانجزم بذلك ولكن لانستثني ذلك ولو في جزء قليل من الاسباب اما بقية الاسباب فهي اكبر من ذلك ولن تكون الا بعلاقة الدم التي حدثت اثناء تلك الفترة

إذن تحرك الجميع
وقد يتسائل البعض هنا :

لمن كانت الأمارة والقيادة في هذا الجمع الكبير المتجه من بيحان الى نجران ؟
هل هي نفسها التي جاءت من نجران الى بيحان ام ان الوضع قد اختلف؟

الحقيقة ان هناك عدة روايات حول ذلك :

الأولى تشير الى نفس القيادة التي اتجهت من نجران الى بيحان
اما الثانية فتشير الى ان القيادة قد انتقلت الى زعيم آخر من القبيلة المستضيفة
والسؤال هنا من هو هذا الزعيم ؟ وماذا كان دوره في بيحان قبل مجيء حلف ال الهندي ؟
وهل هو من كبار قبيلة المصعبين وقتها ام لا ؟

هذه النقاط قد يراها البعض غير هامة والبعض قد يقول ليتك توافينا بتفصيل أدق فيها
ولكنني هنا أود أن اقول انني في هذا البحث لا اريد ان يكون هناك نقاط قد تثير بلبلة لدى طرف آخر من غير هذه القبيلة
وربما ان هذه النقطة لاتعجب الكثير الكثير من اطراف اخرى خارج هذه القبيلة فهم قد استقر بهم الامر على ماهم عليه

لذلك فليس من شأننا الخوض اكثر في مالايؤدي الا لزيادة التشتت برغم ان لدي من المنطق حولها الكثير !

وتحرك الجمع متجهين من منطقة بيحان الى منطقة نجران لمحاربة قبيلة الصقور والاخذ بالثأر
حينها كانت قبيلة الصقور مشغولة بحربها مع قبيلة آل الحارث التي تقع مساكنها للشمال من نجران

وقد علمت بقدوم الجيش القادم واستعدت وبدأت تستجمع قواها وتلملم شتاتها وتوحد صفوفها
تحت قياداتها وفرسانها المشهورين
وكان من أبرز قياداتها الزعيم الفارس الشجاع ( الهايج ) الذي كان يضرب له الف حساب لشجاعته وبسالته وقوته

قبل دخول الجيش القادم من بيحان وعلى اطراف نجران استراحوا وبدأوا يخططون لكيفية الدخول ومن أين وكيف؟
فأشار البعض عليهم ان الحرب يجب ان تحسم سريعا وأن ليس من مصلحة الجيش القادم إطالتها
فالصقور في منطقتهم وإمداداتهم متسمره لن تتضرر أما الجيش القادم فالمؤونة لاتحتمل الكثير من الوقت لذلك
يجب النظر في الكيفية التي يحسمون بها تلك الحرب في وقت سريع

كان القائد لهذه الجموع رجل حكيم ويعلم جيدا عن فرسان قبيلة الصقور وقوتهم ويعلم مايمثله الهايج بينهم
وانه بسقوط الهايج سوف تتفكك لحمة الصقور بسرعه
وفي نفس الوقت فهو لايريد أن يحظى بشرف قتل الهايج أي أحد بل ان نظرته أبعد من ذلك بكثير لما يعزز من مكانته وزعامته في مابعد الحرب
لذلك اختار لهذه المهمة ابنه مزيد وهو الإبن الثاني له فالكبير يقال له أبا الرخم وهذا على مااعتقد كنية فقط ولم أتحصل على الاسم الحقيقي لهذا الفارس
ولااعلم حقيقة لماذا لم يختار ابا الرخم ولست مقتنعا بالروايات التي تقول انه كان مجنون او غير ذلك ففعله الذي سنراه بعد قليل يدل على عكس ذلك تماما

المهم ان القوم دخلوا من الجهة الجنوبية لنجران وهي الجهة المفتوحة واتجهوا نحو الاجزاء الشرقية الشمالية من نجران ولاأعلم بالتحديد أين كانت النقطة الأولى التي تواجهوا فيها ولكن تقديريا بحسب طبيعة المنطقة وتتابع الاحداث كما سيأتي أعتقد انها لن تخرج عن المنطقة التي تمتد من منطقة رجلا اتجاها شمالا شرقيا وحتى ماددون منطقة الجربة شمالا

ودارت رحى المعركة وكانت الغلبة فيها في بداية النهار لقبيلة الصقور لما تمتكله من قوة وعدة
وصالت فرسان الصقور وجالت وكان فارسها الأشهر الهايج في طليعة القوم

وهناك على منأى من الناس التقى بزعيم الجيش القادم الذي صاح ونخى بأعلى صوته قائلا ( مزيد ياولدي )
فماكان من مزيد الا ان جاوبه ( يالله بها تجري بمزيد )
وأصبحت تلك المقولة مشهورة جدا جدا

لماذا قال مزيد هكذا وهو الذي تم اختياره ؟
لأن الحرب كانت اشرس وأقوى من ماتخيله الجميع

وبينما هم كذلك إذ بفارس يأتي راكبا على بغلة وكان ركوبه بالمقلوب أي انه كان موجها جسمه للخلف أثناء الركوب
لم يعره أحد أي اهتمام ولم يكترث به فماهذا الأهبل الذي في حرب ضروس يأتي على بغله ويركبها بهذا الشكل الساذج؟

ولكن ذلك الفارس تقدم وتقدم وتقدم
إلى أن وصل للهايج الذي كان على وشك أن يقتل زعيم الجيش القادم
نظر له الهايج ولم يعره اي اهتمام ظنا ً منه أنه مجنون

ولكن هذا المجنون لم يكن سوى ابا الرخم الذي ترجل من على بغلته
وقتل الهايج بشكل سريع ومفاجيء ولخبط وغير مسار الحرب بالكامل
فقد سقط الهايج وأثر ذلك على فرسان الصقور وتخلخلت أوضاعهم وبدأوا بالتراجع
وانسحبوا من تلك المنطقة والجيش يتبعهم لم يتوقف الى ان وصل بهم الى منطقة مراطه
وهناك أجبرهم على الدخول لشعاب تلك المنطقة حيث كان الاجبار هذا شبيها بالدحض
ودحض الشيء أي دفعه باتجاه مكان معين مع تصغيره
لذلك أطلق على تلك المنطقة مسمى دحضه لأن الجيش القادم دحض فيها قبيلة الصقور وأجبرهم على الاستسلام

واصبحت قبيلة الصقور أمام الامر الواقع حينها وتم توقيع الصلح بعدها على ان تنسحب قبيلة الصقور من جميع المناطق التي
توسعت اليها بعد حربها الاولى مع حلف ال الهندي
والحقيقة ان هناك شروط سمعت عنها يقال انها فرضت على قبيلة الصقور وهي لااعتقد انها صحيحه ابدا لان فيها من الاذلال الكثير لهذه القبيلة
والمنطق يقول ان القبيلة التي عاشت بأنفه وعز لايمكن ان تقبل بتلك الشروط حتى لو خسرت الحرب فخسارة الحرب شيء وخسارة الكرامة شيء آخر

وهكذا بدأنا مرحلة جديدة تشهدها المنطقة وتتغير بها ومعها أشياء كثيرة جدا

استقر الجيش القادم في مناطقه السابقة التي كان يمتكلها وعاد اليها بعد طول غياب

فماذا بعد ذلك ؟ هل توقف بحثنا هذا ؟

بل مازال البحث مستمر فانتظروا القادم منه قريبا

السلام عليكم

توقفنا في حديثنا السابق عند توقف الحرب ووضعها أوزارها

ولكن الحياة لم تتوقف بتوقفها

وهنا نصل لمرحلة يجب فيها إعمال الفكر جيدا وكثيرا ً والإنتباه لأدق تفاصيلها ومناقشة الفكر واستثارته وعدم ترك الأمور تجري هكذا بدون التفكير فيها .

برأيكم أنتم في تلك الفترة وبعد أن وضعت الحرب أوزارها
هل تعتقدون ان منطقة نجران في تلك المرحلة أفضل من ناحية المعيشة من منطقة بيحان التي جاء الجيش منها ؟

أنا لا أجزم بذلك قطعيا ولكن لاأستبعده بل أدعه أمام عيني َ وأستقربه كثيرا ً وذلك لعدة أسباب :

* لو كانت منطقة نجران في تلك الفتره أفضل من ماجاورها لجاء الجيش القادم من بيحان ووجدها اكثر سكانا ً ولوقف هؤلاء السكان بجانب قبيلة الصقور في حينها

* لو كانت منطقة نجران أفضل من منطقة بيحان حينها لكانت قبيلة الصقور أقوى عدة وعتادا ً تواجه به الغزاه

* أنه وفي حدود تلك الفترة أي في النصف الأول من القرن الأول من الألفية الأولى للهجرة كانت المنطقة تتأثر بعدة غزوات سواء من الشمال او من جنوبها المحادد لها وذلك يؤثر سلبيا على عدد السكان والاقتصاد بها بينما منطقة بيحان وفي تلك الفترة خصوصا كانت تنعم باكثر الأوقات في عهدها أمانا ً وسكينة وبساطة .

حسنا وبما أن الحال كذلك .. ونحن نعلم ان الجيش القادم كان به عدد كثير من أفراد قبيلة المصعبين أهل بيحان وبه أفراد كثر انضموا للجيش أثناء قدومه
فطبيعة الحياة في ذلك الوقت كانت هكذا

فهل ياترى أن هذا الجيش القادم سيعجبه نمط الحياة في نجران بعد ان استقر وأدى مهمته ؟

أعتقد أن الأسباب كثيرة التي ستجعل الكثير من هذا الجيش يفضل العودة لمنطقة بيحان

وقد ذكرناها في معرض حديثنا هنا بالإضافة الى الحنين لتلك المنطقة .

ولكن دعوني هنا أقف عند نقطه لاأعلم لماذا في كل مره انسى من كتابتها

وهي :

لماذا اشتهر اسم المصعبين في تلك الحرب أكثر من غيرهم ؟!؟

بينما أن الجيش القادم كان مؤلف من أحلاف قديمه وحديثه !

ألم يستائل أحد هذا السؤال ؟ وعلى مايدل !!

سأترككم معه قليلا لحين عودتي لإكمال الحديث

» استشارة في قبيلة
» قبيلة الزرانيق العكيه الازديه تاريخ لايعرفه الاالقليل
» اخبار المصعبين وبحارث
» دبكة شباب المصعبين
» المصعبين تتصدى للانفصاليين صور كمين