..................
التاريخ حقائق جرت على الأرض.. التاريخ أحداث وأحاديث.. التاريخ ليس أقطاعية أو بصيرة أرض يمتلكها شخص أو أشخاص.. التاريخ ملك كل الناس.. وليس حقاً يطوعه القوي ويكتبه وفقاً لمصالحه كما حدث ويحدث الى الآن عند كتابة التاريخ القريب لأحداث الثورة اليمنية وما رافقها وتلاها من أحداث فكل جماعة تطمس تاريخ من سحقته وهو ما سوف نحاول أن نتحاشاه نتحاشاة عند كتابتنا للأحداث التاريخية التي سنعرض له هنا ابتداءً من قصة إعدام نائب الرئيس اليمني محمد الرعيني..
في حديث خاص للمستقلة قال «رعين» النجل الأكبر لمعالي نائب الرئيس اليمني الذي تم إعدامه محمد حسن الرعيني أن القاضي عبدالرحمن الارياني أطلق تسمية شارع الرعيني على شارع جمال، والحمدي عندما تولى الحكم رفع راتب والدي من 300 ريال إلى ثلاثة ألف ريال وكان الريال في عهده حياً لم يمت ويعادل هذا المبلغ راتب قائد لواء عسكري..
أما فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ما زلنا ننتظر منه قرارا جمهوريا يرد الاعتبار للشهيد الرعيني ورفاقه مع حفل رسمي يكرم فيه هؤلاء الشهداء وتصحح المعلومات المغلوطة التي قيلت عنهم ويقدم لهم الاعتذار وتشيع جنائز رمزية إلى مقبرة الشهداء بإسمائهم وتقديم العزاء لأسرهم عن طريق مسؤولين أو مبعوثين من الرئيس إلى منازل أسرهم وأبنائهم..
وقال الرائد رعين في سياق حديثه لصحيفة «المستقلة» إن الإمام محمد البدر كان يدعم الثوار بالسلاح من المعسكر الذي كان في منطقة الخوبة «حالياً الخوبة في العمق السعودي» ولم يفرط بملف الحدود اليمني السعودية رغم أن السعودية عرضت عليه مبالغ كبيرة وسلم الملف مع وثائقياته وخرائطه للرئيس علي عبدالله صالح...
وقال عن هادي عيسى كان ثائرا ومثقفا ويجيد أربع لغات وقصة البئر الذي قيل أنه كان يعدم فيه الثور لا أساس لها من الصحة..
وشكا من إرهاب موجه ضده كل ما رغب أن يثير قضيه أبيه ورفاقه.. وأهاب رعين بأبناء الشهداء والمخفيين قسراً التكاتف وتوحيد الكلمة لكشف الحقائق ورد الاعتبار حيث لم تسلم حتى الآن جثة والده وحين تم إعدامه كان داخل شوال وربما يكون مخفيا قسراً فقد تشابكت وتشابهت الحقائق مع الأكاذيب في وطن يزداد المقهور فيه قهراً..
الجاسوس الإسرائيلي حقيقة أم رواية
إن فتح ملف محاكمة وإعدام نائب رئيس الجمهورية محمد الرعيني والقائد العسكري هادي عيسى والشيخ علي محسن هارون وحسين الاهجري ومحمد العميسي وعبدالحميد الرياشي والنقيب حسين العواضي والحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة للشيخ محمد محمد وهاس والسجن بسنوات طوال لعدد من الثوار الذين تحولوا إلى «خونة» لتأكل القطة أبناءها التي حملتهم في أحشائها بلا شفقة أو رحمة بعد أن تخلت عن معاني الأمومة..
ان فتح هذا الملف محاولة منا لكشف الحقيقة وليس للاساءة أو انتقاماً من احد بقدر ما يعني أن يتعرف الرأي العام على احداث ربما ضاعت في خضم المزايدات باسم الحفاظ على الثورة وتجسيد شخصياتها.. الشهيد المقدم إبراهيم الحمدي «الرئيس السابق الطيب السمعة» كان احد السجناء الذين تم ايداعهم السجن الحربي المصري في القاهرة وكان معه قادة عسكريون واثناء ما كانوا في السجن الحربي المصري تم اعدام نائب الرئيس في اليمن ومعه كوكبة من المشائخ والقادة العسكريين الثوار عن طريق محكمة صورية كان اعضاوها هم محمد عبدالله السلامي وعلي عبدالله الكهالي ومحمد الهنومي وقد صدر الحكم وتم التنفيذ بعد صدوره مباشرةً وقيل إن الرعيني أعدم وهو موضوع داخل «شوال» أي ربما كان ميتا من جراء التعذيب في سجون الاستخبارات التي كان رئيسها المصري احمد شكري ونائبه مدير الأمن الداخلي الذي كان من أقارب الرعيني..
قالت وسائل الاعلام ان نائب الرئيس الرعيني أطلق جاسوساً يعمل لصالح اسرائيل اسمه «الحرازي» ولهذا الحرازي قصةً اخرى سنوردها تباعاً وقالت أيضاً ان الرعيني استلم مبالغ مالية من السفارة الامريكية وقرر له راتب من السعوية وقيل أنه كان نائب رئيس ووزير نهاراً وقاطع طريق ليلاً وقيل عن هادي عيسى انه كان عنده بئر يقذف في جوفه ضحاياه وانه دموي وخائن وهكذا روج الاعلام المصري عبر وسائله المتعددة من اجل امتصاص غضب شعب يطمح أن ترقى بلاده إلى مستوى الدولة بمعنى كلمة «الدولة».
قالت شخصيات مطلعة حينها وكانت مقربة من دهاليز الزنازن حذرت من ذكر اسمائها ان نائب الرئيس الرعيني تعرض للتعذيب والضرب والقسوة الشديدة من ضباط مصريين وعلى مرأى ومسمع ضباط يمنيين وانه اثناء التعذيب كان على اتصال مباشر مع المشير عبدالحكيم عامر الذي كان يطالب بانتزاع اعترافات من نائب الرئيس اليمني وكان يقول اجبروه يعترف هذا الرجعي أنا قلت له قبل كدة انت تلعب بالنار يا رعيني.. ولكن رفض الرعيني الاعتراف ومات من شدة التعذيب وصدر الحكم العاجل بعد ذلك سريعاً وتم تنفيذه..
«اليمن مسرح لتصفية الحسابات»
تم اعدام الرعيني اثناء ما كان عدد من قادة البلد معتقلين في السجن الحربي المصري كما ذكرنا سلفاً والذين كانوا يتحسرون ألماً حين يجدون فخامة رئيس الدولة لا يجرؤ على اتخاذ اي قرار يخص بلده إلا بعد موافقة مندوب مصري يحمل رتبة ملازم كانت مصر في تلك الفترة تبسط نفوذها على اليمن وترغب أن تكون عمقا استراتيجيا لها في الجزيرة العربية لمقارعة السعودية الصديق لأمريكا الداعمة لدولة اسرائيل في الوقت التي كانت السعودية تتوغل في الاراضي اليمنية وتحتضن وتدعم الملكين وتستغل قضية الهيمنة المصرية على اليمن علاوة على قلقها من تواجد القوات العسكرية المصرية في الاراضي اليمنية وكانت مصر في تلك الفترة تمارس سياسة مفهوم القومية العربية والعمل من أجل وحدة عربية وتمت على أرض الواقع الوحدة السورية المصرية التي أجهضت بعد أن كانت تسمى الجمهورية العربية المتحدة..
وفي ذلك الحين بدأت السعودية تستميل ثوار تمردوا على ذلك القمع المصري الذي يستثمر جميل مساندته لثورة ضد الامام ليتحول إلى وصي لينطبق قول شاعرنا البردوني على حال الوضع حين قال: بلادي من مستعمر بادي.. إلى مستعمرً أخفى.
«مصر تفرض هيمنتها عن طريق السلال في 66م»
غادر السلال في بداية 66م اليمن إلى مصر بعد أن وصل الخلاف إلى نقطة اللاعودة.. المشير السلال كان أداة مصر في الهيمنة على اليمن وكان هناك اتفاق يمني مصري على بقاء السلال في مصر حتى يتم ترتيب بناء الدولة مع بقاء القوات العسكرية المصرية في اليمن ولكن ضاق المصريون من الطريقة التي تم فيها إدارة البلاد وعقد قمة حرض للتصالح مع السعوديين واصدرت مصر قرارها بعودة السلال إلى دفة الحكم في أغسطس «66م» وكان رد الفعل شديدا من أغلبية المنزعجين من التصرفات المصرية وكان منهم النعمان وابراهيم الحمدي وعبدالرحمن الارياني وعلى الفور خرجت الدبابات المصرية على طول خط المطار لحماية الرئيس المفروض على اليمن ورفعوا حالة الاستنفار ورغم أن السلال حين عاد طالب معارضيه بالتعاون معه وأن الفترة حرجة ولكن المعارضين تركوا صنعاء وغادروا إلى مدينة تعز بعد توزيع بيان يندد بموقف القيادة المصرية في صنعاء وهذا الموقف حسب دون شك تراجعياً في كان منهم أن يدخلوا مع المصريين في معركة غير متكافئة والمعارك يدار رحاها في جميع جبهات القتال مع الملكيين مع العلم أن الرعيني لم يغادر صنعاء..
من لقاء عبدالناصر إلى زنزانة السجن الحربي المصري
وفي تعز تواصلت المجموعة المعارضة لرئاسة السلال بالسفير المصري لترتيب لقاء بالقائد جمال عبدالناصر وتمت الموافقة على لقاء عبدالناصر وانتقلت المجموعة إلى القاهرة باستثناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي اعتصم في منطقته والشيخ سنان ابو لحوم الذي غادر إلى لبنان وبقاء القاضي عبدالرحمن الارياني والفريق العمري والاستاذ احمد محمد النعمان والدكتور حسن مكي واحمد عبده سعيد وامين نعمان واحمد دهمش ومحمد الحجي ومحمد حس صبرة ومن العسكريين الشهيد ابراهيم الحمدي واحمد المتوكل وعلي قاسم المؤيد ومحمد الخاوي ومحمد ابو لحوم ويحيى مصلح ومحمد تلها وعلي سيف الخولاني وحسين المسوري ويحيى المتوكل..
وهناك في القاهرة وفي نادي الضباط في قاعة فرعون التقى بهم شمس بدران مسؤول في جهاز الاستخبارات المصرية وتحدث معهم بلهجة عنيفة ثم بعد ذلك وجهت عليهم حملة اعتقالات وتم ايداعهم السجن الحربي المصري باستثناء القاضي عبد الرحمن الارياني الذي فرضت عليه الإقامة الجبرية تزامنا مع إعدام نائب رئيس الجمهورية التي نصف وزرائها رهن الاعتقال المصري ومع إعدام الرعيني اعدم هادي عيسى والشيخ هارون والنيني وكوكبة من الثوار والمناضلين.. وبعد وساطة سورية وجزائرية وسودانية تم الافراج عن سجناء الحربي المصري في العاشر من شهر اكتوبر 1967م بعد نكسة حزيران